Mugni al-Muhtag ila maʿrifat maʿani alfaz al-minhag

Al-Khatib Al-Shirbini d. 977 AH
56

Mugni al-Muhtag ila maʿrifat maʿani alfaz al-minhag

مغني المحتاج الى معرفة معاني ألفاظ المنهاج

Investigator

علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

1415 AH

Publisher Location

بيروت

هِيَ أَرْبَعَةٌ أَحَدُهَا: خُرُوجُ شَيْءٍ مِنْ قُبُلِهِ، أَوْ دُبُرِهِ ــ [مغني المحتاج] كَانَ أَنْشَطَ لَهُ وَأَبْعَثَ عَلَى الدَّرْسِ وَالتَّحْصِيلِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَمَرَّ عَلَى الْكِتَابِ بِطُولِهِ، وَمِثْلُهُ الْمُسَافِرُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ قَطَعَ مِيلًا أَوْ طَوَى فَرْسَخًا نَفَّسَ ذَلِكَ عَنْهُ وَنَشِطَ لِلْمَسِيرِ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ سُوَرًا وَجَزَّأَهُ الْقُرَّاءُ عُشُورًا وَأَسْبَاعًا وَأَخْمَاسًا وَأَحْزَابًا، وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِأَصْلِهِ هَذَا الْبَابَ عَلَى الْوُضُوءِ كَمَا قَدَّمَ مُوجِبَ الْغُسْلِ عَلَى الْغُسْلِ، وَهُوَ تَرْتِيبٌ طَبِيعِيٌّ، وَخَالَفَ فِي الرَّوْضَةِ فَقَدَّمَ الْوُضُوءَ وَلَمْ يُقَدِّمْ الْغُسْلَ عَلَى مُوجِبِهِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُولَدُ مُحْدِثًا فَيَعْرِفُ الْوُضُوءَ ثُمَّ مَا يَنْتَهِي بِهِ، وَلَا يُولَدُ جُنُبًا فَقَدَّمَ مُوجِبَ الْغُسْلِ عَلَيْهِ (هِيَ) أَيْ: الْأَسْبَابُ (أَرْبَعَةٌ) ثَابِتَةٌ بِالْأَدِلَّةِ الْآتِيَةِ، وَعِلَّةُ النَّقْضِ بِهَا غَيْرُ مَعْقُولَةِ الْمَعْنَى فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا غَيْرُهَا فَلَا نَقْضَ بِالْبُلُوغِ بِالسِّنِّ وَلَا بِمَسِّ الْأَمْرَدِ الْحَسَنِ، وَلَا بِمَسِّ فَرْجِ الْبَهِيمَةِ، وَلَا بِأَكْلِ لَحْمِ الْجَزُورِ عَلَى الْمَذْهَبِ فِي الْأَرْبَعَةِ، وَإِنْ صَحَّحَ الْمُصَنِّفُ الْأَخِيرَ مِنْهَا مِنْ جِهَةِ الدَّلِيلِ. ثُمَّ أَجَابَ مِنْ جِهَةِ الْمَذْهَبِ فَقَالَ: أَقْرَبُ مَا يَسْتَرْوِحُ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَجَمَاهِيرِ الصَّحَابَةِ، وَمِمَّا يُضْعِفُ النَّقْضَ بِهِ أَنَّ الْقَائِلَ بِهِ لَا يُعَدِّيهِ إلَى شَحْمِهِ وَسَنَامِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَلَا بِالْقَهْقَهَةِ فِي الصَّلَاةِ، وَإِلَّا لَمَا اخْتَصَّ النَّقْضُ بِهَا كَسَائِرِ النَّوَاقِضِ، وَمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّهَا تَنْقُضُ فَضَعِيفٌ، وَلَا بِالنَّجَاسَةِ الْخَارِجَةِ مِنْ غَيْرِ الْفَرْجِ كَالْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ حَرَسَا الْمُسْلِمِينَ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ فَقَامَ أَحَدُهُمَا يُصَلِّي، فَرَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ الْكُفَّارِ بِسَهْمٍ فَنَزَعَهُ وَصَلَّى، وَدَمُهُ يَجْرِي وَعَلِمَ النَّبِيُّ ﷺ بِهِ، وَلَمْ يُنْكِرْهُ»، وَأَمَّا صَلَاتُهُ مَعَ الدَّمِ فَلِقِلَّةِ مَا أَصَابَهُ مِنْهُ، وَلَا بِشِفَاءِ دَائِمِ الْحَدَثِ؛ لِأَنَّ حَدَثَهُ لَمْ يَرْتَفِعْ فَكَيْفَ يَصِحُّ عَدُّ الشِّفَاءِ سَبَبًا لِلْحَدَثِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَزُلْ. وَلَا بِنَزْعِ الْخُفِّ؛ لِأَنَّ نَزْعَهُ يُوجِبُ غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ فَقَطْ عَلَى الْأَصَحِّ (أَحَدُهَا) أَيْ الْأَسْبَابِ (خُرُوجُ شَيْءٍ) عَيْنًا كَانَ أَوْ رِيحًا، طَاهِرًا أَوْ نَجِسًا، جَافًّا أَوْ رَطْبًا، مُعْتَادًا كَبَوْلٍ أَوْ نَادِرًا كَدَمٍ انْفَصَلَ أَوْ لَا، قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا (مِنْ قُبُلِهِ) أَيْ: الْمُتَوَضِّئِ الْحَيِّ الْوَاضِحِ، وَلَوْ بِخُرُوجِ الْوَلَدِ أَوْ أَحَدِ ذَكَرَيْنِ يَبُولُ بِهِمَا، أَوْ أَحَدِ فَرْجَيْنِ يَبُولُ بِأَحَدِهِمَا وَيَحِيضُ بِالْآخَرِ، فَإِنْ بَالَ بِأَحَدِهِمَا أَوْ حَاضَ بِهِ فَقَطْ اخْتَصَّ الْحُكْمُ بِهِ. أَمَّا الْمُشْكِلُ فَإِنْ خَرَجَ الْخَارِجُ مِنْ فَرْجَيْهِ جَمِيعًا فَهُوَ مُحْدِثٌ، وَإِنْ خَرَجَ مِنْ أَحَدِهِمَا فَالْحُكْمُ كَمَا لَوْ خَرَجَ مِنْ ثُقْبَةٍ تَحْتَ الْمَعِدَةِ مَعَ انْفِتَاحِ الْأَصْلِيِّ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا نَقْضَ بِهَا (أَوْ) خُرُوجُ شَيْءٍ مِنْ (دُبُرِهِ) أَيْ الْمُتَوَضِّئِ الْحَيِّ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: ﴿أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ﴾ [النساء: ٤٣] [الْمَائِدَةُ] الْآيَةَ، وَالْغَائِطُ الْمَكَانُ الْمُطْمَئِنُّ مِنْ الْأَرْضِ تُقْضَى فِيهِ الْحَاجَةُ سُمِّيَ بِاسْمِهِ الْخَارِجِ لِلْمُجَاوَرَةِ. قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: وَفِي الْآيَةِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -

1 / 140