Mugni al-Muhtag ila maʿrifat maʿani alfaz al-minhag
مغني المحتاج الى معرفة معاني ألفاظ المنهاج
Investigator
علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1415 AH
Publisher Location
بيروت
Genres
Shafi'i Jurisprudence
فَالْمُتَغَيِّرُ بِمُسْتَغْنًى عَنْهُ كَزَعْفَرَانٍ تَغَيُّرًا يَمْنَعُ إطْلَاقَ اسْمِ الْمَاءِ غَيْرُ طَهُورٍ،
ــ
[مغني المحتاج]
فَائِدَةٌ: اعْتَرَضَ بَعْضُهُمْ عَلَى الشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ: كُلُّ مَاءٍ مِنْ بَحْرٍ عَذْبٍ أَوْ مَالِحٍ فَالتَّطْهِيرُ بِهِ جَائِزٌ بِأَنَّهُ لَحْنٌ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ مَاءٌ مِلْحٌ، وَهُوَ مُخْطِئٌ فِي ذَلِكَ. قَالَ الشَّاعِرُ: [الطَّوِيلُ]
فَلَوْ تَفَلَتْ فِي الْبَحْرِ وَالْبَحْرُ مَالِحٌ ... لَأَصْبَحَ مَاءُ الْبَحْرِ مِنْ رِيقِهَا عَذْبَا
بَلْ فِيهِ أَرْبَعُ لُغَاتٍ، مِلْحٌ وَمَالِحٌ وَمَلِيحٌ وَمِلَاحٌ وَلَكِنَّ فَهْمَهُ السَّقِيمَ أَدَّاهُ إلَى ذَلِكَ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ: [الْوَافِرُ]
وَكَمْ مِنْ عَائِبٍ قَوْلًا صَحِيحًا ... وَآفَتُهُ مِنْ الْفَهْمِ السَّقِيمِ
وَلَكِنْ تَأْخُذُ الْآذَانُ مِنْهُ ... عَلَى قَدْرِ الْقَرِيحَةِ وَالْفُهُومِ
وَعَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ: لَا يَجُوزُ لِيُشْتَرَطَ. قَالَ فِي الدَّقَائِقِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ الِاشْتِرَاطُ، لَكِنَّهُ قَالَ فِي مَجْمُوعِهِ بِأَنَّ - يَجُوزُ - يُسْتَعْمَلُ تَارَةً بِمَعْنَى يَصِحُّ، وَتَارَةً بِمَعْنَى يَحِلُّ، وَتَارَةً يَصْلُحُ لِلْأَمْرَيْنِ، وَهُوَ هُنَا يَصْلُحُ لَهُمَا اهـ.
أَيْ فَيَكُونُ هُوَ الْمُرَادَ، فَنَفْيُ الْجَوَازِ يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الصِّحَّةِ وَالْحِلِّ مَعًا بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ جَوَازِ اسْتِعْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعْنَيَيْهِ كَمَا وَجَّهَ بِهِ الْمُصَنِّفُ عِبَارَةَ الْمُهَذَّبِ فِي شَرْحِهِ أَيْ فَهُوَ أَبْلَغُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِيُشْتَرَطُ لِدَلَالَتِهِ عَلَيْهِمَا بِالْمَنْطُوقِ، وَعَلَى هَذَا فَالتَّعْبِيرُ بِلَا يَجُوزُ أَوْلَى كَمَا قِيلَ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ لَفْظَةَ يُشْتَرَطُ تَقْتَضِي تَوَقُّفَ الرَّفْعِ عَلَى الْمَاءِ، وَلَفْظَةُ لَا يَجُوزُ مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ تِلْكَ الْمَعَانِي وَلَا قَرِينَةَ، فَالتَّعْبِيرُ بِيُشْتَرَطُ أَوْلَى، وَرُدَّ بِمَنْعِ التَّرَدُّدِ؛ لِأَنَّهُ إنْ حُمِلَ الْمُشْتَرَكُ عَلَى جَمِيعِ مَعَانِيهِ عُمُومًا كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَظَاهِرٌ، وَإِلَّا حُمِلَ عَلَى جَمِيعِهَا هُنَا بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ وَالتَّبْوِيبِ. وَأَوْرَدَ عَلَى التَّعْرِيفِ الْمُتَغَيِّرِ كَثِيرًا بِمَا لَا يُؤْثِرُ فِيهِ كَطِينٍ وَطُحْلُبٍ وَبِمَا فِي مَقَرِّهِ وَمَمَرِّهِ فَإِنَّهُ مُطْلَقٌ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُعَرَّ عَمَّا ذُكِرَ. .
وَأُجِيبَ بِمَنْعِ أَنَّهُ مُطْلَقٌ، وَإِنَّمَا أُعْطِيَ حُكْمَهُ فِي جَوَازِ التَّطَهُّرِ بِهِ لِلضَّرُورَةِ، فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ غَيْرِ الْمُطْلَقِ عَلَى أَنَّ الرَّافِعِيَّ قَالَ: أَهْلُ اللِّسَانِ وَالْعُرْفِ لَا يَمْتَنِعُونَ مِنْ إيقَاعِ اسْمِ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ عَلَيْهِ فَعَلَيْهِ لَا إيرَادَ، وَلَا يَرِدُ الْمَاءُ الْقَلِيلُ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ، وَلَمْ تُغَيِّرْهُ، وَلَا الْمُسْتَعْمَلُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُطْلَقٍ.
فَائِدَةٌ: الْمَاءُ مَمْدُودٌ عَلَى الْأَفْصَحِ، وَأَصْلُهُ مَوَهٌ، تَحَرَّكَتْ الْوَاوُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا فَقُلِبَتْ أَلِفًا ثُمَّ أُبْدِلَتْ الْهَاءُ هَمْزَةً، وَمِنْ عَجِيبِ لُطْفِ اللَّهِ أَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْهُ، وَلَمْ يُحْوِجْ فِيهِ إلَى كَثِيرِ مُعَالَجَةٍ لِعُمُومِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ
(فَالْمُتَغَيِّرُ) بِشَيْءٍ (مُسْتَغْنًى) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا (عَنْهُ) طَاهِرٌ مُخَالِطٌ (كَزَعْفَرَانٍ) وَمَاءِ شَجَرٍ وَمَنِيٍّ وَمِلْحٍ جَبَلِيٍّ (تَغَيُّرًا يَمْنَعُ) لِكَثْرَتِهِ (إطْلَاقَ اسْمِ الْمَاءِ) عَلَيْهِ (غَيْرُ طَهُورٍ) سَوَاءٌ أَكَانَ قَلِيلًا أَمْ كَثِيرًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى مَاءً، وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً فَشَرِبَ ذَلِكَ أَوْ وَكَّلَ فِي شِرَائِهِ فَاشْتَرَاهُ لَهُ وَكِيلُهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَلَمْ يَقَعْ الشِّرَاءُ لَهُ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ التَّغَيُّرُ حِسِّيًّا أَمْ تَقْدِيرِيًّا، حَتَّى لَوْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ مَائِعٌ يُوَافِقُهُ فِي الصِّفَاتِ كَمَاءِ الْوَرْدِ الْمُنْقَطِعِ الرَّائِحَةِ فَلَمْ يَتَغَيَّرْ وَلَوْ قَدَّرْنَاهُ
1 / 117