324

Mughni al-muḥtāj ilā maʿrifat maʿānī alfāẓ al-minhāj

مغني المحتاج الى معرفة معاني ألفاظ المنهاج

Investigator

علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

1415 AH

Publisher Location

بيروت

الِاحْتِرَازُ مِنْهُ غَالِبًا، وَيَخْتَلِفُ بِالْوَقْتِ، وَمَوْضِعِهِ مِنْ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ.
وَعَنْ قَلِيلِ دَمِ الْبَرَاغِيثِ، وَوَنِيمِ الذُّبَابِ،
ــ
[مغني المحتاج]
يَتَعَسَّرُ (الِاحْتِرَازُ مِنْهُ غَالِبًا) إذْ لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ الِانْتِشَارِ فِي حَوَائِجِهِمْ، وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ لَا يَمْلِكُ أَكْثَرَ مِنْ ثَوْبٍ، فَلَوْ أُمِرُوا بِالْغُسْلِ كُلَّمَا أَصَابَتْهُمْ عَظُمَتْ الْمَشَقَّةُ عَلَيْهِمْ، بِخِلَافِ مَا لَا يَتَعَسَّرُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَلَا يُعْفَى عَنْهُ (وَيَخْتَلِفُ) الْمَعْفُوُّ عَنْهُ (بِالْوَقْتِ، وَمَوْضِعِهِ مِنْ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ) فَيُعْفَى فِي زَمَنِ الشِّتَاءِ عَمَّا لَا يُعْفَى عَنْهُ فِي زَمَنِ الصَّيْفِ وَيُعْفَى فِي الذَّيْلِ وَالرِّجْلِ عَمَّا لَا يُعْفَى عَنْهُ فِي الْكُمِّ وَالْيَدِ وَضَابِطُ الْقَلِيلِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ هُوَ الَّذِي لَا يُنْسَبُ صَاحِبُهُ إلَى سَقْطَةٍ عَلَى شَيْءٌ أَوْ كَبْوَةٍ عَلَى وَجْهِهِ أَوْ قِلَّةِ تَحَفُّظٍ، فَإِنْ نُسِبَ إلَى ذَلِكَ فَلَا يُعْفَى عَنْهُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ الْعَفْوَ عَنْهُ، وَلَوْ اخْتَلَطَ بِنَجَاسَةِ كَلْبٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَهُوَ الْمُتَّجَهُ لَا سِيَّمَا فِي مَوْضِعٍ تَكْثُرُ فِيهِ الْكِلَابُ، لِأَنَّ الشَّوَارِعَ مَعْدِنُ النَّجَاسَاتِ. اهـ.
وَنُقِلَ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ أَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْهُ، وَالْمُتَّجَهُ الْأَوَّلُ. وَاحْتُرِزَ بِالْمُتَيَقَّنِ نَجَاسَتُهُ عَمَّا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ اخْتِلَاطُهُ بِهَا كَغَالِبِ الشَّوَارِعِ، فَإِنَّ فِيهِ وَأَمْثَالِهِ كَثِيَابِ الْخَمَّارِينَ وَالْأَطْفَالِ وَالْجَزَّارِينَ وَالْكُفَّارِ الَّذِينَ يَتَدَيَّنُونَ بِاسْتِعْمَالِ النَّجَاسَةِ قَوْلَيْنِ أَصَحُّهُمَا الطَّهَارَةُ عَمَلًا بِالْأَصْلِ، فَإِنْ لَمْ تُظَنَّ نَجَاسَتُهُ فَطَاهِرٌ قَطْعًا.
فُرُوعٌ: مَاءُ الْمِيزَابِ الَّذِي تُظَنُّ نَجَاسَتُهُ وَلَمْ تُتَيَقَّنْ طَهَارَتُهُ فِيهِ الْخِلَافُ فِي طِينِ الشَّوَارِعِ، وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ الْجَزْمَ بِطَهَارَتِهِ، وَسُئِلَ ابْنُ الصَّلَاحِ عَنْ الْجُوخِ الَّذِي اُشْتُهِرَ عَلَى أَلْسِنَةِ النَّاسِ أَنَّ فِيهِ شَحْمَ الْخِنْزِيرِ؟ فَقَالَ: لَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ إلَّا بِتَحَقُّقِ النَّجَاسَةِ، وَسُئِلَ عَنْ الْأَوْرَاقِ الَّتِي تُعْمَلُ وَتُبْسَطُ، وَهِيَ رَطْبَةٌ عَلَى الْحِيطَانِ الْمَعْمُولَةِ بِرَمَادٍ نَجَسٍ. فَقَالَ: لَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهَا أَيْ: عَمَلًا بِالْأَصْلِ، وَمَحَلُّ الْعَمَلِ بِهِ إذَا كَانَ مُسْتَنَدُ النَّجَاسَةِ إلَى غَلَبَتِهَا، وَإِلَّا عَمِلَ بِالظَّنِّ، فَلَوْ بَالَ حَيَوَانٌ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ وَتَغَيَّرَ وَشَكَّ فِي سَبَبِ تَغَيُّرِهِ هَلْ هُوَ الْبَوْلُ أَوْ نَحْوُ طُولِ الْمُكْثِ حَكَمَ بِتَنَجُّسِهِ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ لِاسْتِنَادِهِ إلَى سَبَبٍ مُعَيَّنٍ، وَلَوْ بِنَجَسِ خُفِّهِ أَوْ نَعْلِهِ لَمْ يَطْهُرْ بِدَلْكِهِ بِنَحْوِ أَرْضٍ كَالثَّوْبِ إذَا تَنَجَّسَ. وَأَمَّا خَبَرُ أَبِي دَاوُد «إذَا أَصَابَ خُفَّ أَحَدِكُمْ أَذًى فَلْيُدَلِّكْهُ فِي الْأَرْضِ» فَمَحْمُولٌ عَلَى الْمُسْتَقْذَرِ الظَّاهِرِ.
(وَ) يُعْفَى (عَنْ قَلِيلِ دَمِ الْبَرَاغِيثِ) وَالْقَمْلِ وَالْبَقِّ (وَوَنِيمِ الذُّبَابِ)، وَهُوَ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ النُّونِ: ذَرْقُهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَكَذَا يُعْفَى عَنْ قَلِيلِ بَوْلِ الْخُفَّاشِ، وَالْقِيَاسُ أَوْ رَوْثِهِ وَبَوْلِ الذُّبَابِ كَذَلِكَ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى، وَيَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ، قَالَ فِي الصِّحَاحِ: وَالْبَقُّ هُوَ الْبَعُوضُ، لَكِنَّ الظَّاهِرَ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا إنَّ الْمُرَادَ هُنَا مَا يَشْمَلُ الْبَقَّ الْمَعْرُوفَ، وَالْبَرَاغِيثُ جَمْعُ بُرْغُوثٍ بِالضَّمِّ، وَالْفَتْحُ قَلِيلٌ، وَيُقَالُ لَهُ: طَامِرُ بْنُ طَامِرٍ. رَوَى أَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ وَالْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ «سَمِعَ رَجُلًا يَسُبُّ بُرْغُوثًا فَقَالَ لَا تَسُبَّهُ، فَإِنَّهُ أَيْقَظَ نَبِيًّا لِصَلَاةِ الْفَجْرِ» (١) وَدَمُ الْبَرَاغِيثِ رَشَحَاتٌ تَمُصُّهَا مِنْ الْإِنْسَانِ ثُمَّ تَمُجُّهَا وَلَيْسَ لَهَا دَمٌ فِي نَفْسِهَا، ذَكَرَهُ

1 / 408