Mugni al-Muhtag ila maʿrifat maʿani alfaz al-minhag

Al-Khatib Al-Shirbini d. 977 AH
28

Mugni al-Muhtag ila maʿrifat maʿani alfaz al-minhag

مغني المحتاج الى معرفة معاني ألفاظ المنهاج

Investigator

علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

1415 AH

Publisher Location

بيروت

وَعَلَى اللَّهِ الْكَرِيمِ اعْتِمَادِي، وَإِلَيْهِ تَفْوِيضِي وَاسْتِنَادِي، وَأَسْأَلُهُ النَّفْعَ بِهِ لِي وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ وَرِضْوَانَهُ عَنِّي، وَعَنْ أَحِبَّائِي وَجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ. ــ [مغني المحتاج] لَيْسَ بِضَرُورِيٍّ، وَلَكِنَّهُ حَسَنٌ، كَمَا قَالَهُ فِي زِيَادَةِ لَفْظَةِ الطَّلَاقِ فِي قَوْلِهِ فِي الْحَيْضِ: فَإِذَا انْقَطَعَ لَمْ يَحِلَّ قَبْلَ الْغُسْلِ غَيْرُ الصَّوْمِ وَالطَّلَاقِ، فَإِنَّ الطَّلَاقَ لَمْ يُذْكَرْ قَبْلُ فِي الْمُحَرَّمَاتِ (وَعَلَى اللَّهِ الْكَرِيمِ اعْتِمَادِي) فِي جَمِيعِ أُمُورِي، وَمِنْهَا إتْمَامُ هَذَا الْمُخْتَصَرِ بِأَنْ يُقَدِّرَنِي عَلَى إتْمَامِهِ كَمَا أَقْدَرَنِي عَلَى ابْتِدَائِهِ. قَالَ الشَّارِحُ بِمَا تَقَدَّمَ عَلَى وَضْعِ الْخُطْبَةِ أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ صَنَّفَ بَعْضَ الْمِنْهَاجِ قَبْلَ خُطْبَتِهِ كَمَا يُفْهَمُ مِمَّا مَرَّ أَوْ إلَى تَوَفُّرِ الْآلَاتِ مَعَ التَّهْيِيءِ فَإِنَّهُ كَرِيمٌ جَوَادٌ لَا يَرُدُّ مَنْ سَأَلَهُ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِ وَفِي الْحَدِيثِ: «إنَّ اللَّهَ كَرِيمٌ يُحِبُّ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ» (وَإِلَيْهِ تَفْوِيضِي) أَيْ: رَدُّ أُمُورِي؛ لِأَنَّ التَّفْوِيضَ رَدُّ الْأَمْرِ إلَى اللَّهِ - تَعَالَى - وَالْبَرَاءَةُ مِنْ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ إلَّا بِهِ (وَاسْتِنَادِي) فِي ذَلِكَ وَغَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يَخِيبُ مَنْ قَصَدَهُ وَاسْتَنَدَ إلَيْهِ ثُمَّ قَدَّرَ وُقُوعَ الْمَطْلُوبِ بِرَجَاءِ الْإِجَابَةِ فَقَالَ (وَأَسْأَلُهُ النَّفْعَ) وَهُوَ ضِدُّ الضُّرِّ (بِهِ) أَيْ: الْمُخْتَصَرِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ (لِي) بِتَأْلِيفِهِ (وَلِسَائِرِ) أَيْ: بَاقِي (الْمُسْلِمِينَ) وَيُطْلِقُ سَائِرَ أَيْضًا عَلَى الْجَمِيعِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْجَوْهَرِيُّ غَيْرَهُ بِأَنْ يُلْهِمَهُمْ الِاعْتِنَاءَ بِهِ، بَعْضُهُمْ بِالِاشْتِغَالِ بِهِ كَكِتَابَةٍ وَقِرَاءَةٍ وَتَفَهُّمٍ وَشَرْحٍ، وَبَعْضُهُمْ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَالْإِعَانَةِ عَلَيْهِ بِوَقْفٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَنَفْعُهُمْ يَسْتَتْبِعُ نَفْعَهُ أَيْضًا: لِأَنَّهُ سَبَبٌ فِيهِ (وَرِضْوَانَهُ عَنِّي) الرِّضَا وَالرِّضْوَانُ ضِدُّ السُّخْطِ (وَعَنْ أَحِبَّائِي) بِالتَّشْدِيدِ وَالْهَمْزِ جَمْعُ حَبِيبٍ: أَيْ: مَنْ أُحِبُّهُمْ (وَجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ) مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ تَكَرَّرَ بِهِ الدُّعَاءُ لِذَلِكَ الْبَعْضِ الَّذِي مِنْهُ الْمُصَنِّفُ ﵀ تَعَالَى - وَغَايَرَ بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ، فَكُلُّ إيمَانٍ إسْلَامٌ وَلَا يَنْعَكِسُ، وَكُلُّ مُؤْمِنٍ مُسْلِمٌ وَلَا يَنْعَكِسُ، وَقِيلَ الْإِيمَانُ وَالْإِسْلَامُ فِي حُكْمِ الشَّرْعِ وَاحِدٌ، وَفِي الْمَعْنَى وَالِاشْتِقَاقِ مُخْتَلِفَانِ، وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا يَصِحُّ إيمَانٌ بِغَيْرِ إسْلَامٍ، وَلَا إسْلَامَ بِغَيْرِ إيمَانٍ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَرْطٌ فِي الْآخَرِ عَلَى الْأَوَّلِ، وَشَرْطٌ عَلَى الثَّانِي، وَسُؤَالُ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَنْفَعَ اللَّهُ - تَعَالَى - بِكِتَابِهِ مِمَّا يُرَغِّبُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مُجَابُ الدَّعْوَةِ، وَقَدْ حَقَّقَ اللَّهُ - تَعَالَى - لَهُ ذَلِكَ وَجَعَلَهُ عُمْدَةً فِي الْمَذْهَبِ. وَإِذْ قَدْ انْتَهَى الْكَلَامُ بِحَمْدِ اللَّهِ عَلَى مَا قَصَدْنَاهُ مِنْ أَلْفَاظِ الْخُطْبَةِ فَنَذْكُرُ طَرَفًا مِنْ أَخْبَارِ الْمُصَنِّفِ تَبَرُّكًا بِهِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْمَقْصُودِ فَنَقُولُ: هُوَ الْحَبْرُ الْإِمَامُ قُطْبُ دَائِرَةِ الْعُلَمَاءِ الْأَعْلَامِ الشَّيْخُ يَحْيَى مُحْيِي الدِّينِ أَبُو زَكَرِيَّا بْنِ شَرَفٍ الْحِزَامِيُّ بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ مَكْسُورَةٍ بَعْدَهَا زَايٌ مُعْجَمَةٌ النَّوَوِيُّ ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ مُحَرِّرُ الْمَذْهَبِ، وَمُهَذِّبُهُ، وَمُحَقِّقُهُ، وَمُرَتِّبُهُ، الْمُتَّفَقُ عَلَى أَمَانَتِهِ وَدِيَانَتِهِ وَوَرَعِهِ وَزَهَادَتِهِ وَسُؤْدُدِهِ وَسِيَادَتِهِ كَانَ ذَا كَرَامَاتٍ ظَاهِرَةٍ وَآيَاتٍ بَاهِرَةٍ وَسَطَوَاتٍ قَاهِرَةٍ، فَلِذَلِكَ أَحْيَا اللَّهُ - تَعَالَى - ذِكْرَهُ بَعْدَ مَمَاتِهِ، وَاعْتَرَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِعَظِيمِ بَرَكَاتِهِ وَنَفَعَ بِتَصَانِيفِهِ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ فَلَا يَكَادُ يَسْتَغْنِي عَنْهَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الْمَذَاهِبِ الْمُخْتَلِفَةِ وَلَا تَزَالُ الْقُلُوبُ عَلَى مَحَبَّةِ مَا أَلَّفَهُ مُؤْتَلِفَةً قَدْ دَأَبَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ حَتَّى فَاقَ أَهْلَ زَمَانِهِ، وَدَعَا إلَى اللَّهِ - تَعَالَى - فِي سِرِّهِ وَإِعْلَانِهِ. حَفِظَ التَّنْبِيهَ فِي أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَنِصْفٍ، وَحَفِظَ رُبْعَ الْمُهَذَّبِ فِي بَقِيَّةِ السَّنَةِ، وَمَكَثَ قَرِيبًا مِنْ سَنَتَيْنِ لَا يَضَعُ جَنْبَهُ عَلَى الْأَرْضِ، وَكَانَ يَقْرَأُ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ اثْنَيْ عَشَرَ دَرْسًا فِي عِدَّةٍ مِنْ الْعُلُومِ، وَكَانَ يُدِيمُ الصِّيَامَ وَلَا تَزَالُ مُقْلَتُهُ

1 / 112