Mugni al-Muhtag ila maʿrifat maʿani alfaz al-minhag
مغني المحتاج الى معرفة معاني ألفاظ المنهاج
Investigator
علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1415 AH
Publisher Location
بيروت
Genres
Shafi'i Jurisprudence
، وَأَوْلَى مَا أُنْفِقَتْ فِيهِ نَفَائِسُ الْأَوْقَاتِ، وَقَدْ أَكْثَرَ أَصْحَابُنَا ﵏ مِنْ التَّصْنِيفِ
ــ
[مغني المحتاج]
تَعَالَى - أَنْ يُوَفِّقَنَا بِفَضْلِهِ وَأَنْ يَحْفَظَنَا مِنْ الشَّيْطَانِ وَجُنْدِهِ (وَ) إذَا كَانَ الِاشْتِغَالُ بِالْعِلْمِ بِهَذِهِ الْمَنْقَبَةِ الْعَظِيمَةِ، فَيَكُونُ الِاشْتِغَالُ بِهِ مِنْ (أَوْلَى مَا أُنْفِقَتْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (فِيهِ) أَيْ تَعَلُّمِهِ وَتَعْلِيمِهِ (نَفَائِسُ الْأَوْقَاتِ) أَيْ: الْأَوْقَاتُ النَّفِيسَةُ، إذْ الْأَوْقَاتُ كُلُّهَا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَعْوِيضُ مَا يَفُوتُ مِنْهَا بِلَا عِبَادَةٍ، وَأَضَافَ إلَيْهَا صِفَتَهَا لِلسَّجْعِ، فَهُوَ مِنْ بَابِ إضَافَةِ الصِّفَةِ إلَى الْمَوْصُوفِ، كَقَوْلِهِمْ: جَرْدُ قَطِيفَةٍ أَيْ: قَطِيفَةٌ مَجْرُودَةٌ، أَوْ مِنْ إضَافَةِ الْأَعَمِّ إلَى الْأَخَصِّ كَمَسْجِدِ الْجَامِعِ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِنَفَائِسِ الْأَوْقَاتِ أَزْمِنَةُ الصِّحَّةِ وَالْفَرَاغِ فَتَكُونُ الْإِضَافَةُ فِيهِ مُخَصَّصَةً. قَالَ فِي الدَّقَائِقِ: يُقَالُ فِي الْخَيْرِ أَنْفَقْتُ، وَفِي الْبَاطِلِ ضَيَّعْتُ وَخَسِرْتُ وَغَرِمْت، وَالتَّعْبِيرُ بِالْإِنْفَاقِ مَجَازٌ؛ لِأَنَّ انْقِضَاءَ الْأَوْقَاتِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى بَذْلِهِ. لَكِنَّهُ لَمَّا اخْتَارَ أَنْ يُوقِعَ فِيهِ الشَّيْءَ دُونَ غَيْرِهِ عَبَّرَ عَنْهُ بِالْإِنْفَاقِ، وَنَفَائِسُ جَمْعٌ لِنَفِيسَةٍ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ جَمْعًا لِنَفِيسٍ لِمَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْعَرَبِيَّةِ، وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الْمُصَنِّفُ قَدْ وَصَفَ الْأَوْقَاتَ بِالنَّفِيسَةِ ثُمَّ جَمَعَ النَّفِيسَةَ عَلَى النَّفَائِسِ، وَلَوْ عَبَّرَ بِمَا مُفْرَدُهُ مُؤَنَّثٌ كَالسَّاعَاتِ وَنَحْوِهَا لَكَانَ أَظْهَرَ اهـ.
قَالَ الشَّارِحُ: وَلَا يَصِحُّ عَطْفُ أَوْلَى عَلَى مِنْ أَفْضَلِ لِلتَّنَافِي بَيْنَهُمَا عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ: أَيْ: لَوْ قُدِّرَ عَطْفُ أَوْلَى عَلَى مِنْ أَفْضَلِ كَانَ كَوْنُهُ أَوْلَى مَا أُنْفِقَتْ فِيهِ نَفَائِسُ الْأَوْقَاتِ مُنَافِيًا لِكَوْنِهِ مِنْ أَفْضَلِ الطَّاعَاتِ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ أَوْلَى يَسْتَلْزِمُ كَوْنَهُ أَفْضَلَ وَكَوْنَهُ مِنْ أَفْضَلِ يَسْتَلْزِمُ كَوْنَهُ مِنْ أَوْلَى لَا كَوْنَهُ أَوْلَى، فَالْإِشَارَةُ بِهَذَا التَّقْدِيرِ إلَى تَقْدِيرِ عَطْفِ أَوْلَى عَلَى مِنْ أَفْضَلِ.
(وَقَدْ أَكْثَرَ أَصْحَابُنَا) أَيْ: أَتْبَاعُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، فَالصُّحْبَةُ هُنَا الِاجْتِمَاعُ فِي اتِّبَاعِ الْإِمَامِ الْمُجْتَهِدِ فِيمَا يَرَاهُ مِنْ الْأَحْكَامِ فَهُوَ مَجَازٌ سَبَبُهُ الْمُوَافَقَةُ بَيْنَهُمْ، وَشِدَّةُ ارْتِبَاطِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ كَالصَّاحِبِ حَقِيقَةً ﵏ - تَعَالَى - دُعَاءٌ لَهُمْ (مِنْ التَّصْنِيفِ) مَصْدَرُ صَنَّفَ الشَّيْءَ: إذَا جَعَلَهُ أَصْنَافًا بِتَمْيِيزِ بَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ، فَمُؤَلِّفُ الْكِتَابُ يُفْرِدُ الصِّنْفَ الَّذِي هُوَ فِيهِ عَنْ غَيْرِهِ، وَيُفْرِدُ كُلَّ صِنْفٍ مِمَّا هُوَ فِيهِ عَنْ الْآخَرِ، فَالْفَقِيهُ يُفْرِدُ مَثَلًا الْعِبَادَاتِ عَنْ الْمُعَامَلَاتِ وَنَحْوِهَا، وَكَذَلِكَ الْأَبْوَابُ. قِيلَ: أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ
1 / 100