157

Mugni al-Muhtag ila maʿrifat maʿani alfaz al-minhag

مغني المحتاج الى معرفة معاني ألفاظ المنهاج

Investigator

علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

1415 AH

Publisher Location

بيروت

وَمَا تَنَجَّسَ بِبَوْلِ صَبِيٍّ لَمْ يَطْعَمْ غَيْرَ لَبَنٍ نُضِحَ. وَمَا تَنَجَّسَ بِغَيْرِهِمَا إنْ لَمْ تَكُنْ عَيْنٌ ــ [مغني المحتاج] التُّرَابُ بِالْمَاءِ بَعْدَ مَزْجِهِ بِغَيْرِهِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَاءُ بِذَلِكَ تَغَيُّرًا فَاحِشًا كَفَى، وَالثَّانِي: يَكْفِي التُّرَابُ الْمَمْزُوجُ بِالْمَائِعِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ تِلْكَ الْغَسْلَةِ إنَّمَا هُوَ التُّرَابُ وَلَا يَجِبُ تَتْرِيبُ أَرْضٍ تُرَابِيَّةٍ إذْ لَا مَعْنَى لِتَتْرِيبِ التُّرَابِ فَيَكْفِي تَسْبِيعُهَا بِمَاءٍ وَحْدَهُ، وَلَوْ أَصَابَ ثَوْبًا مَثَلًا مِنْهَا شَيْءٌ قَبْلَ تَمَامِ السَّبْعِ هَلْ يَجِبُ تَتْرِيبُهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَجِبْ فِي الْأَرْضِ لِلْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ؟ أَوْ لَا يَجِبُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَصَابَهُ مِنْ غَيْرِ الْأَرْضِ بَعْدَ تَتْرِيبِهِ اخْتَلَفَ فِيهِ إفْتَاءُ شَيْخِي فَأَفْتَى أَوَّلًا بِالثَّانِي وَثَانِيًا بِالْأَوَّلِ وَاسْتَمَرَّ عَلَيْهِ، وَمَا أَفْتَى بِهِ أَوَّلًا هُوَ الظَّاهِرُ وَإِنْ كُنْت مَشَيْت عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ ثَانِيًا فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْمُنْتَقَلِ عَنْهُ حُكْمُ الْمُنْتَفِلِ. ثُمَّ شَرَعَ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ النَّجَاسَةِ وَهِيَ الْمُخَفَّفَةُ فَقَالَ: (وَمَا تَنَجَّسَ) مِنْ جَامِدٍ (بِبَوْلِ صَبِيٍّ لَمْ يَطْعَمْ) بِفَتْحِ الْيَاءِ: أَيْ يَتَنَاوَلُ قَبْلَ مُضِيِّ حَوْلَيْنِ (غَيْرَ لَبَنٍ) لِلتَّغَذِّي (نُضِحَ) بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ وَحَاءٍ مُهْمَلَةٍ، وَقِيلَ مُعْجَمَةٌ أَيْضًا وَلَوْ كَانَ اللَّبَنُ مِنْ غَيْرِ آدَمِيٍّ أَوْ مِنْ غَيْرِ طَاهِرٍ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ فِي الْأُولَى مِنْ التَّخْصِيصِ بِلَبَنِ الْمُرْضِعِ، وَلِلزَّرْكَشِيِّ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ أَنَّهُ يُغْسَلُ مِنْ النَّجِسِ وَالْمُتَنَجِّسِ قِيَاسًا مِنْهُ عَلَى لَبَنِ الْإِنْفَحَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ بِأَنْ يَرُشَّ عَلَيْهِ مَاءً يَعُمُّهُ وَيَغْلِبُهُ بِلَا سَيَلَانٍ بِخِلَافِ الصَّبِيَّةِ وَالْخُنْثَى لَا بُدَّ فِي بَوْلِهِمَا مِنْ الْغَسْلِ عَلَى الْأَصْلِ وَيَتَحَقَّقُ بِالسَّيَلَانِ، وَذَلِكَ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ عَنْ أُمِّ قَيْسٍ «أَنَّهَا جَاءَتْ بِابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ فَأَجْلَسَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي حِجْرِهِ فَبَالَ عَلَيْهِ فَدَعَا بِمَاءٍ فَنَضَحَهُ وَلَمْ يَغْسِلْهُ» (١) وَلِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ «يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْجَارِيَةِ وَيُرَشُّ مِنْ بَوْلِ الْغُلَامِ» (٢) وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الِائْتِلَافِ بِحَمْلِ الصَّبِيِّ أَكْثَرَ فَخُفِّفَ فِي بَوْلِهِ، وَبِأَنَّ بَوْلَهُ أَرَقُّ مِنْ بَوْلِهَا فَلَا يَلْصَقُ بِالْمَحَلِّ لُصُوقَ بَوْلِهَا بِهِ وَأُلْحِقَ بِهَا الْخُنْثَى، وَبِأَنَّ بَوْلَ الصَّبِيِّ مِنْ مَاءٍ وَطِينٍ وَبَوْلَهَا مِنْ لَحْمٍ وَدَمٍ؛ لِأَنَّ حَوَّاءَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعِ آدَمَ الْقَصِيرِ. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ عَنْ الشَّافِعِيِّ. وَقِيلَ: لَمَّا كَانَ بُلُوغُ الْغُلَامِ بِمَائِعٍ طَاهِرٍ، وَهُوَ الْمَنِيُّ وَبُلُوغُهَا بِمَائِعٍ كَذَلِكَ وَبِنَجِسٍ، وَهُوَ الْحَيْضُ جَازَ أَنْ يَفْتَرِقَا فِي حُكْمِ طَهَارَةِ الْبَوْلِ. قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَنَظَرَ بَعْضُهُمْ فِي الْفَرْقِ الثَّالِثِ بِأَنَّ الْمَخْلُوقَ مِنْ تُرَابٍ هُوَ آدَم وَمِنْ ضِلْعٍ هِيَ حَوَّاءُ. وَأَمَّا مَنْ بَعْدَهُمَا فَالْكُلُّ مَخْلُوقٌ مِنْ نُطْفَةٍ وَمُتَغَذٍّ بِدَمِ الْحَيْضِ فَكَيْفَ يُقَالُ يُرْجَعُ إلَى الْأَصْلِ، وَخَرَجَ بِقَيْدِ التَّغَذِّي تَحْنِيكُهُ بِنَحْوِ تَمْرٍ وَتَنَاوُلُهُ نَحْوَ سَفُوفٍ لِإِصْلَاحٍ فَلَا يَمْنَعَانِ النَّضْحَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَبِقَبْلِ مُضِيِّ الْحَوْلَيْنِ مَا بَعْدَهُمَا، إذْ اللَّبَنُ حِينَئِذٍ كَالطَّعَامِ كَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ، وَلَا بُدَّ مَعَ النَّضْحِ مِنْ إزَالَةِ أَوْصَافِهِ كَبَقِيَّةِ النَّجَاسَاتِ، وَإِنَّمَا سَكَتُوا عَنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ سُهُولَةُ زَوَالِهَا خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ مِنْ أَنَّ بَقَاءَ اللَّوْنِ وَالرِّيحِ لَا يَضُرُّ. ثُمَّ شَرَعَ فِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ مِنْ النَّجَاسَةِ، وَهِيَ الْمُتَوَسِّطَةُ فَقَالَ (وَمَا تَنَجَّسَ بِغَيْرِهِمَا) أَيْ الْكَلْبِ وَنَحْوِهِ وَبَوْلِ الصَّبِيِّ الْمَذْكُورِ (إنْ لَمْ تَكُنْ عَيْنٌ) أَيْ عَيْنِيَّةٌ بِأَنْ كَانَتْ حُكْمِيَّةً، وَهُوَ مَا تَيَقَّنَ وُجُودُهَا وَلَا يُدْرَكُ

1 / 241