Mugni al-Muhtag ila maʿrifat maʿani alfaz al-minhag
مغني المحتاج الى معرفة معاني ألفاظ المنهاج
Investigator
علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1415 AH
Publisher Location
بيروت
Genres
Shafi'i Jurisprudence
وَالتَّسْمِيَةُ أَوَّلَهُ،
ــ
[مغني المحتاج]
الشَّهِيدِ مَعَ أَنَّ رَائِحَتَهُ كَرِيحِ الْمِسْكِ كَمَا وَرَدَ فِي الْخَبَرِ «أَنَّهُمْ يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَوْدَاجُهُمْ تَشْخُبُ دَمًا اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ، وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ» وَكُرِهَ إزَالَةُ الْخُلُوفِ مَعَ كَوْنِهِ أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ.
أُجِيبَ بِأَنَّ فِي إزَالَةِ دَمِ الشَّهِيدِ تَفْوِيتَ فَضِيلَةٍ عَلَى الشَّهِيدِ لَمْ يُؤْذَنْ فِي إزَالَتِهَا، فَإِنْ فُرِضَ أَنَّ شَخْصًا سَوَّكَ صَائِمًا بِغَيْرِ إذْنِهِ حُرِّمَ عَلَيْهِ كَمَا هُنَا أَوْ أَنَّ شَهِيدًا أَزَالَ الدَّمَ عَنْ نَفْسِهِ فِي مَرَضٍ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ الْمَوْتُ فِيهِ بِسَبَبِ الْقِتَالِ كُرِهَ، فَتَفْوِيتُ الْمُكَلَّفِ الْفَضِيلَةَ عَلَى نَفْسِهِ جَائِزٌ وَتَفْوِيتُ غَيْرِهِ لَهَا عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِذْنِهِ. قَالَ أَبُو الْخَيْرِ الْقَزْوِينِيُّ فِي كِتَابِ خَصَائِصِ السِّوَاكِ:
وَيَجِبُ السِّوَاكُ عَلَى مَنْ أَكَلَ الْمَيْتَةَ عِنْدَ الِاضْطِرَارِ لِإِزَالَةِ الدُّسُومَةِ النَّجِسَةِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِ أَنَّ الْوَاجِبَ إزَالَتُهَا بِسِوَاكٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَجِبُ السِّوَاكُ عَيْنًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ الْحَكِيمُ: يُكْرَهُ أَنْ يَزِيدَ طُولُ السِّوَاكِ عَلَى شِبْرٍ؛ وَفِي الْبَيْهَقِيّ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ مَوْضِعُ سِوَاكِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مَوْضِعَ الْقَلَمِ مِنْ أُذُنِ الْكَاتِبِ، وَاسْتَحَبَّ بَعْضُهُمْ أَنْ يَقُولَ فِي أَوَّلِهِ: اللَّهُمَّ بَيِّضْ بِهِ أَسْنَانِي وَشُدَّ بِهِ لِثَاتِي، وَثَبِّتْ بِهِ لَهَاتِي، وَبَارِكْ لِي فِيهِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَصْلٌ فَإِنَّهُ دُعَاءٌ حَسَنٌ.
فَائِدَةٌ: قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ " وَخُلُوفُ " إلَخْ. جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ مُقَيِّدَةٌ لِعَامِلِهَا، فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ ابْنِ الصَّلَاحِ وَالسُّبْكِيِّ، وَخَصَّصَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِالْآخِرَةِ، وَلَا مَانِعَ أَنْ يَكُونَ فِيهِمَا. فَرْعٌ: مِنْ فَوَائِدِ السِّوَاكِ: أَنَّهُ يُطَهِّرُ الْفَمَ، وَيُرْضِي الرَّبَّ كَمَا مَرَّ، وَيُبَيِّضُ الْأَسْنَانَ، وَيُطَيِّبَ النَّكْهَةَ، وَيُسَوِّي الظَّهْرَ، وَيَشُدُّ اللِّثَةَ، وَيُبْطِئُ الشَّيْبَ، وَيُصَفِّي الْخِلْقَةَ، وَيُذْكِي الْفِطْنَةَ، وَيُضَاعِفُ الْأَجْرَ، وَيُسَهِّلُ النَّزْعَ كَمَا مَرَّ، وَيُذَكِّرُ الشَّهَادَةَ عِنْدَ الْمَوْتِ. وَيُسَنُّ التَّخْلِيلُ قَبْلَ السِّوَاكِ وَبَعْدَهُ، وَمِنْ أَثَرِ الطَّعَامِ، وَكَوْنُ الْخِلَالِ مِنْ عُودِ السِّوَاكِ، وَيُكْرَهُ بِنَحْوِ الْحَدِيدِ.
(وَ) مِنْ سُنَنِهِ (التَّسْمِيَةُ أَوَّلَهُ) أَيْ: أَوَّلَ الْوُضُوءِ لِخَبَرِ النَّسَائِيّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «طَلَبَ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ وَضُوءًا فَلَمْ يَجِدُوا، فَقَالَ ﷺ: هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مَاءٌ؟ فَأُتِيَ بِمَاءٍ فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ الَّذِي فِيهِ الْمَاءُ ثُمَّ قَالَ: تَوَضَّئُوا بِسْمِ اللَّهِ أَيْ: قَائِلِينَ ذَلِكَ، فَرَأَيْتُ الْمَاءَ يَفُورُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ حَتَّى تَوَضَّأَ نَحْوُ سَبْعِينَ رَجُلًا» .
وَلِخَبَرِ «تَوَضَّئُوا بِسْمِ اللَّهِ» . رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ لِآيَةِ الْوُضُوءِ الْمُبَيِّنَةِ لِوَاجِبَاتِهِ. وَأَمَّا خَبَرُ «لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يُسَمِّ اللَّهَ» فَضَعِيفٌ، وَأَقَلُّهَا بِسْمِ اللَّهِ، وَأَكْمَلُهَا كَمَالُهَا، ثُمَّ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَنِعْمَتِهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ الْمَاءَ طَهُورًا، وَزَادَ الْغَزَالِيُّ بَعْدَهَا فِي بِدَايَةِ الْهِدَايَةِ ﴿رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ﴾ [المؤمنون: ٩٧] ﴿وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ﴾ [المؤمنون: ٩٨] . وَحَكَى الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ التَّعَوُّذَ قَبْلَهَا، وَتُسَنُّ لِكُلِّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ: أَيْ حَالٍ يُهْتَمُّ بِهِ مِنْ عِبَادَةٍ وَغَيْرِهَا كَغُسْلٍ، وَتَيَمُّمٍ، وَذَبْحٍ، وَجِمَاعٍ، وَتِلَاوَةٍ وَلَوْ مِنْ أَثْنَاءِ سُورَةٍ لَا لِصَلَاةٍ، وَحَجٍّ، وَذِكْرٍ، وَتُكْرَهُ لِمُحَرَّمٍ أَوْ مَكْرُوهٍ. وَالْمُرَادُ بِأَوَّلِ الْوُضُوءِ: أَوَّلَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ، فَيَنْوِي الْوُضُوءَ
1 / 185