[٧٩] وعَن أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رسولَ الله ﷺ مَرَّ عَلَى صُبرَةِ طَعَامٍ، فَأَدخَلَ يَدَهُ فِيهَا، فَنَالَت أَصَابِعُهُ بَلَلًا، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟ قَالَ: أَصَابَتهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللهِ! قَالَ: أَفَلاَ جَعَلتَهُ فَوقَ الطَّعَامِ حَتَّى يَرَاهُ النَّاسُ؟ ! مَن غَشَّ فَلَيسَ مِنِّي.
رواه مسلم (١٠١)، وأبو داود (٣٤٥٢)، والترمذي (١٣١٥)، وابن ماجه (٢٢٢٤).
ــ
وقد تقدَّم أنَّ مذهبَ أهلِ الحقِّ: لا يكفُرُ أحدٌ من المسلمين بارتكابِ كبيرةٍ ما عدا الشِّرك؛ وعلى هذا فيحمَلُ قوله ﵊: لَيسَ مِنَّا في حقِّ مِثلِ هذا على معنى: ليس على طريقتنا، ولا على شريعتنا؛ إذ سُنَّةُ المسلمين وشريعتهم التواصُلُ والتراحُم، لا التقاطُعُ والتقاتل؛ ويجري هذا مَجرَى قوله ﵊: مَن غَشَّنَا، فَلَيسَ مِنَّا (١)، ونظائرِهِ، وتكونُ فائدتُهُ: الرَّدعَ والزَّجرَ عن الوقوع في مثل ذلك؛ كما يقولُ الوالدُ لولدِهِ إذا سلَكَ غيرَ سبيله: لَستُ مِنكَ، ولَستَ مِنِّي!؛ كما قال الشاعر:
إِذَا حَاوَلتَ فِي أَسَدٍ (٢) فُجُورًا ... فَإِنِّي لَستُ مِنكَ وَلَستَ مِنِّي
وصُبرَةُ الطَّعَامِ: هي الجملةُ المصبورة، أي: المحبوسةُ للبيع، والصَّبرُ: هو الحَبس.
والسَّمَاءُ هنا: هو (٣) المطر، سمِّي بذلك؛ لنزوله مِنَ السماء، وأصلُ السماء: كلُّ ما علاك فأظلَّك. والغِشُّ: ضدُّ النصيحة، وهو بكسر الغين؛
(١) رواه أحمد (٢/ ٥٠) من حديث ابن عمر ﵄، ومسلم (١٠١)، والترمذي (١٣١٥) من حديث أبي هريرة ﵁.
(٢) في (م): أمر، وفي (ع): أحد، والمثبت من (ل) و(ط).
(٣) من (ع).