ولعمري أنه لا بقي قبولك بدلورك، ولا تقوم جنتك بسعيرك، ولطالما ولطالما أهلكت أمما بسمومك وزمهريرك، فكم تواتر عنك حديث تشمئز منه النفس وتمجه الأذن وحسبك من العناد إنك تجري بما لا تشتهي السفن، وأنت المولع برقص الجواري كفعل الفساق، وأنت الذي تهيج التراب وتغري النار يالإحراق. كما قال فيك ابن الرومي:
لا تطفين جوي بلوم أنه ... كالريح يغري النار بالإحراق
ومن عيوبك إنك لا تسكن ولا يقر لك قرار، ولم تفهم الإشارة في قوله تعالى ﴿وله ما سكن في الليل والنهار﴾، وقد ضربت العرب بعدم استقامتك الأمثال كما نقله عنهم أصحاب القصص فمن ذلك قولهم:
إن ابن آوى لشديد المقتنص ... وهو إذا ما صيد ريح في قفص
وأما قولك لولاي لما عاش إنسان، ولا بقي على قيد الأرض حيوان، فجوابه لو شاء الله لعاش العالم بلا هواء، كما عاش عالم الماء في الماء، ولم لا قلت إن غالب هلاك كل ذي روح من الوباء، وإنه لولا الرطوبة التي اكتسبتها أنت مني بالمجاورة، لاحترقت أنت فضلا عن العالم لمجاورتك لطبيعة النار الحارة، فعلم بهذا أن حرارتك عرضية، لا إنها فيك طبيعية، ولو شئت لافتخرت بالحرارة التي تعرض لي من النار والارتماض، ولكن لا يليق بالعاقل أن يفتخر بالأعراض، لأن العرض
1 / 33