41

Mudkhal Kabir

Genres

فقد تبين لنا الآن أن الكواكب قد دلت على الممكن وعلى الاختيار وذلك في شيئين أحدهما في التركيب فالممكن الذي في شخص الإنسان لقبول الشيء وخلافه والاختيار الذي لنفسه والثاني في الأشياء التي تدل على كونها في الزمان المستقبل كما ذكرنا والكواكب كما دلت على الممكن والاختيار الذي للإنسان فكذلك تدل على أن الإنسان لا يختار إلا ما يدل عليه الكواكب لأن اختياره للشيء أو خلافه يكون بالنفس الناطقة التي مازجت النفس الحيوانية في الأشخاص بدلالات الكواكب وذلك كالإنسان الذي في جسمه قبول الإمكان للحركة ولتركها ولأن يقوم وأن لا يقوم وفي قوة النفس اختيار أحدهما فإذا اختار فعل أحدهما أو تركه فقد صار إلى حد الواجب أو الممتنع لأن الممكنات والاختيار يصير إلى أحدهما لا محالة إلا أن الإنسان لا يختار إلا ما يدل عليه الكواكب من الواجب أو الممتنع

فأما قبول الممكنات فإنما يوجد في هذه الأركان الأربعة التي دون فلك القمر وفي الأجسام المركبة منها فأما الكواكب فليس لها ذلك لأنها أجرام بسيطة فأما الاختيار الذي يكون بالفكرة في الأشياء فإنما هو للإنسان دون الحيوان كله لأن له النفس الناطقة التي بها يتفكر في الشيء أو خلافه ثم يختار أحدهما ليدفع عن نفسه بقدر معرفته المكاره والآفات بذلك الاختيار فأما سائر الحيوان فإنما يكون أفاعيله بطبيعته لأنه ليست له النفس الناطقة التي بها تكون الفكرة فأما الكواكب وإن كانت لها أنفس ناطقة فإنها لا تحتاج إليه لبعدها من الآفات

Page 124