40

Mudkhal Kabir

Genres

فأما الإنسان الحي فإنه مركب من النفس الحيوانية والناطقة والطبائع الأربعة وقد ذكر الفيلسوف أن الكواكب حية ولها أنفس ناطقة فهي بالنفس الناطقة التي لها وبأنها حية وبحركاتها الطبيعية تدل على اتفاق النفس الناطقة والحيوانية في البدن بإذن الله كما ذكرنا فيما تقدم وللنفس الناطقة قوة الفكرة والاختيار وللبدن قوة قبول الممكنات فإذا دلت الكواكب على اتفاق النفس الحيوانية والناطقة والبدن فقد دلت على الواجبة والممتنعة والممكنة لأن الإنسان الحي له الحياة التي هي واجبة له والامتناع من الطيران والإمكان لأن يقبل المرض أو الصحة والحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة وفيه أن يتفكر في أشياء كثيرة ويختار أحدها والقوة التي بها يختار الشيء من شيء آخر بالفكرة فيه إنما هي للإنسان دون الحيوان كله وإمكان قبول الشيء وخلافه إنما هو للأجسام وأفاعيلنا إنما تكون بتقدمة فكرتنا في الشيء الذي نريد فعله فإذا تقدم في النفس أن فعل الشيء وخلافه ممكن فعلنا أحدهما أو استشرنا فيه

والمنجم إنما ينظر إلى الأشياء التي فيها قوة الإمكان لقبول الشيء وخلافه إلى ما يؤول الأمر فيه ولا ينظر إلى خاصيتها لأنه لا ينظر المنجم في صناعة النجوم هل النار محرقة أم لا لأنه يعلم أنها محرقة ولا ينظر في دلالات الكواكب هل الثلج بارد أو لا لأنه يعلم أنه بارد ولكنه ينظر هل تحرق النار غدا جسما من الأجسام القابلة للإحراق أم لا وهل يبرد الثلج غدا شيئا من الأشياء القابلة للتبريد أم لا وهل يكون غدا مطر أم لا وهل يختار الإنسان أن يكلم غدا فلانا أم لا أم يمشي غدا أم لا وإنما ينظر في هذه الأشياء لأن هذه الأشياء ممكن أن يكون وأن لا يكون فإذا دلت الكواكب بحركاتها الطبيعية على أن شيئا من الأشياء لا يكون فهو ممتنع أن يكون وإذا دلت على كون شيء من الأشياء في وقت الدلالة معا سواء بسواء فكونه من الواجب وإن كانت تدل أنه يكون في زمان مستقبل فدلالتها على كون ذلك الشيء ئنما إنما هي بالقوة إلى الوقت الذي يكون فإذا كان الشيء صار كونه من الواجب وكذلك الإنسان الذي لا يمنعه من الكلام آفة فإن الكلام فيه بالقوة إلى الوقت الذي يتكلم فإذا تكلم صار ذلك الكلام في ذلك الوقت من الواجب والنار أيضا فإنها وإن كانت محرقة فالإحراق فيها قبل أن تفعل بالقوة فإذا أحرقت صار الإحراق من الواجب

Page 122