168

Mudkhal Kabir

Genres

وقياس ذلك أن النار بطبيعتها حارة يابسة وخاصيتها الإحراق فإذا ابتدأت تظهر خاصيتها فإنه يحدث مع إظهارها تلك الخاصية أفاعيل كثيرة خلاف الإحراق ولو فعلت الإحراق بطبيعتها لكان كل حار يابس محرقا ولكان لا يوجد لها أفاعيل كثيرة ونحن نجد خلاف ذلك لأن النار في وقت واحد قد ترطب وتذيب وتسخن وتحلل وتجمع وتعقد وتفرق والترطيب والتذو يب والجمع والتعقيد خلاف الإحراق وهذه الأشياء ربما فعلتها النار في وقت واحد في أشخاص مختلفة على قدر قبول تلك الأشخاص لفعلها وعلى قربها أو بعدها منها وربما فعلت ذلك في شخص واحد في وقت بعد وقت وكذلك الثلج فإن خاصيته الحقيقية التبريد وربما ظهر من فعله التسخين لأنه إذا وضع الثلج على بعض أعضاء الحيوان فإنه يبرده ويحبس القشر أن يخرج منها الحرارة إلى خارج البدن فتتكاثف الحرارة في ذلك العضو فيسخنه فقد ظهر من فعل الثلج شيئان متضادان وهما التبريد والتسخين معا في وقت واحد أحدهما من الخاصية الحقيقية والثاني من فعل تلك الخاصية وقد يوجد مثل هذه الخاصيات لأجسام كثيرة فكذلك السعودة والنحوسة إنما هي من خاصية فعل الكوكب لا من طبيعته فلذلك صار الكوكب الواحد يفعل بخاصيته في وقت واحد أشياء مختلفة من السعودية والنحوسية وربما فعل ذلك في وقت ووقت وهذه الخاصيات التي للكواكب في السعادة والنحوسة هي على جهتين إحداهما الخاصية الحقيقية التي لا تتغير دلالة الكواكب عما تدل عليه باختلاف حالاتها ولا يستعمل المنجمون هذه الخاصية وهي فعل السعود السعودية وفعل النحوس النحوسية في تفصيل الأنواع من الأجناس وتفصيل الأشخاص من الأنواع وكيفية تركيبها فتلك الأفاعيل والسعادة والنحوسة التي للكواكب في هذه الأشياء لا تتغير أبدا لأن حالات الكواكب المختلفة التي لها في كل وقت وإن كانت سببا لتغيير مزاج النطف والنبات والمعادن من حال إلى حال فإنه ليس في قوى تلك الاختلافات تبديل الأنواع إلى غيرها حتى يكون بها من نطفة الإنسان غير الإنسان ولا من نطفة الفرس غير الفرس وكذلك سائر الحيوان والنبات لا ينتقل من نوع إلى نوع باختلاف حالات الكواكب ولكنها إنما تتغير حالاتها في أنفسها إلى صلاح التأليف والمزاج والتركيب أو إلى فسادها أو إلى القوة أو إلى الضعف أو إلى سائر الكيفيات

Page 394