وقال قوم إن القمر من أول الشهر إلى الاستقبال طبيعتة السخونة والرطوبة ومن بعد الامتلاء ئلى إلى آخر الشهر طبيعته البرودة والرطوبة وقالوا أيضا إذا استولى القمر على السنة فإنه يكون نصف السنة الأول حارا رطبا ويكون النصف الثاني باردا رطبا والقول الأول أصوب لأن دلالة القمر على تغيير أرباع الشهور والسنين موجودة إذا كان هو المستولي على أحدهما أو مازج الشمس فلما كان زحل والمريخ إنما يوجد من أفاعيلهما في الأزمنة إذا استوليا عليهما البرد المفرط والحر المفرط ومتى ما أفرط هذان الركنان كان مع إفراطهما هلاك الحيوان فلهذه العلة جعلوهما نحسين لأنه وإن حدث في بعض المواضع من فعل بردهما أو حرهما الاعتدال فليس ذلك الاعتدال من خاصية فعلهما الحقيقي فأما زحل فإنه أشد نحوسة من المريخ لأنه بارد يابس والبرد واليبس يضادان الحياة والمريخ وإن كان مفرطا في الحرارة واليبوسة فإن مضرته دون مضرة زحل لأن قوام الحيوان إنما هو بالحرارة والرطوبة فزحل إذن أنحس من المريخ
وأما الشمس فإن خاصيتها فعل الأزمنة والتركيبات والدلالة على الحياة العامية التي هي الجنس فجعلوها سعدة لهذه العلل الثلاث وأما القمر فلأنه في الشهر الواحد يدور البروج كلها ويحرك فصول السنة الأربعة ويعدل الطبائع ويقو يها ويفعل فيها ما تفعله الشمس في السنة الواحدة فجعلوه سعدا والشمس أقوى وأظهر سعادة من القمر ومن سائر كواكب الفلك للعلل التي ذكرنا قبل
Page 386