159

Mudkhal Kabir

Genres

فأما طبائع الكواكب فإن الفلاسفة ذكرت أنها أجرام كرية بسيطة طبيعية الحركة مستديرتها وأما خاصية كل واحد منها فإنما عرفوها بما ينفعل من قوى حركاتها في تفصيل الأنواع المختلفة من الأجناس وفي تركيب الأشخاص المفردة الطبيعية المخالفة بعضها لبعض وكونها وفسادها فسموا بعض هذه الانفعالات سعادة وبعضها نحوسة على نحو ما تقدم ذكرنا لها فالسعادة والنحوسة الموجودة عندنا إذن هي عن خاصية حركات الكواكب لا من طبيعتها لأنها كلها بطبيعتها ليست بسعدة ولا نحسة وإنما تسمى بالسعادة والنحوسة بما يظهر من خاصية حركة كل واحد منها في هذه الأركان الأربعة المتصلة بها بالطبيعة ولذلك قالت الحكماء أن المطبوع غير الطبائع وبالمطبوع استدللنا على الطبائع وكانت أشخاص أنواع الحيوان والنبات والمعادن في الطبائع بالقوة إذ لا مطبوع وإن تفصيل الأنواع المختلفة من الأجناس وتركيب الطبائع الأربعة في أشخاص الأنواع إنما يكون بقوى حركات الكواكب بإذن الله فإذا كانت بقوة حركاتها تدل على تفصيل الأنواع من الأجناس واتفاق الطبائع وتركيبها في الأشخاص الطبيعية المفردة فقد أسعدت وأنحست لأن الإنسية والبهيمية كانا في الجنس والطبائع بالقوة سواء ليس لأحدهما على الآخر في ذلك فضل ولم يكن بينهما فيه فرق فتطبعت وتركبت وتفرق بين صورها وأشخاصها عن قوى حركاتها فصارت الإنسية للنعمة واللذة والفهم والفكرة ومعرفة الأشياء التي كانت والتي تكون وصارت البهيمية للكد والشقاء والجفاء والذبح

فلهذه العلة أسعدت وأنحست ولأنه عن قواها كان تفصيل أشخاص الأنواع المختلفة باختلاف حالاتها كما هو موجود في مخالفة كل شخص من أشخاص الحيوان والنبات والمعادن بعض لبعض في الحسن أو القبح أو القوة أو الضعف أو الجودة أو الردائة أو الطيب أو النتن أو الضار للحيوان أو النافع له وسائر الحالات المختلفة فقد أسعدت وأنحست

Page 376