والحجة الرابعة أنا قلنا لم زعمتم أن زحل والمريخ نحسان وهما بطبيعتهما فيما زعمتم موافقين لطبيعة ركنين من الأركان الأربعة وهما النار والأرض ولطبيعة خلطين من الأخلاط المركبة وهما المرة الصفراء والمرة السوداء وهذان الركنان والخلطان بهما يكون الكون والحياة والنشوء وكلما كان عندكم من طبيعة الكون والحياة فهو سعد فلم زعمتم أن زحل والمريخ نحسان فأنكرنا أن تكون العلة في نحوسة زحل والمريخ ما ذكروا وسنذكر العلة في السعود والنحوس وطبائعها إن شاء الله الفصل الرابع في تثبيتنا وجود السعود والنحوس على مذهب الفلاسفة
إن الحكماء الأولين كانوا يوجبون لكل شيء من الأشياء الموجودة الطبيعية التي دون فلك القمر السعادة والنحوسة ويسمونهما بذلك فأما ما كان منها من الاتفاق والكون والاعتدال والملائمة والمشاكلة وممازجة الأركان وتركيبها في الأشخاص الطبيعية وبقاء الأشخاص وسلامتها وحسنها وقوتها والإنسية والفهم والتمييز والمعرفة وفوائد المال والجاه والعز والخير والسرور والنعمة واللذة وسائر ما كان من هذا الجنس فإنهم كانوا يسمونه سعادة وأما ما كان من فساد التأليف والتركيب والإفراط والتلف والقبح والضعف والأمراض والزمانات والفقر والضعة والذل والغموم والبهيمية والكد والتعب وكل شيء من هذا الجنس فإنهم كانوا يسمونه منحسة
Page 372