وأما المريخ فإنه ذكر أن طبيعته حارة يابسة محرقة لأن لونه شبيه بلون النار ولأن حرارة الشمس تناله لأنه فوق الشمس فجعل طبيعة الشمس مثل طبيعة النار لأنها تتحرك علوا وأنها تسخن بطبيعتها كل شيء يقرب منها أو يناله حرها كفعل النار وهذا قول فاسد عند من نظر في العلوم الطبيعية لأنهم يزعمون أن الحرارة التي نجدها من الشمس إنما تنفعل من حركتها علينا فالشمس ليس فعلها في الفلك وفي الكواكب كفعل النار في هذه الأشياء الموجودة وهي والكواكب كلها ليس منها شيء يضاف بطبيعته إلى الحرارة ولا إلى البرودة ولا إلى الرطوبة ولا إلى اليبوسة لأنها ليست بمركبة من واحدة من هذه ولذلك أيضا لا تقبل واحدة منها لأنه لا يقبل جسم من الأجسام شيئا من هذه الطبائع إلا ما كان مركبا منها والكواكب كلها على خلاف هذا لأنها أجرام بسيطة فالكواكب إذن لا تقبل شيئا من هذه الأركان الأربعة ولا ذلك في طبيعتها ولو كانت الكواكب تقبل الحرارة من الشمس وتسخن كالأجسام التي نراها عندنا لكانت قد تغيرت ألوانها إلى الاحتراق أو كانت قد احترقت على الأيام والسنين الكثيرة وذكر الزهرة فزعم أنها معتدلة المزاج وأن طبيعتها الحرارة والرطوبة فأما الحرارة فذكر أنها من قبل قربها من الشمس وأما الرطوبة فمن أجل ما يصيبها من البخار الرطب الذي يرتفع من الأرض فأما ما زعم أنه ينالها من البخار الرطب الذي يرتفع من الأرض فإنا نعلم أن فلك الزهرة فوق فلك القمر وقد بينا أن البخار الذي يرتفع من الأرض لا يبلغ فلك القمر فمن أ ين يبلغ فلك الزهرة وأما قوله أنه ينالها حرارة قليلة من الشمس وأنها بطبيعتها حارة لقربها من الشمس فإن كانت الشمس طبيعتها مثل طبيعة النار إنها تسخن كل شيء يقرب منها وإن المريخ إنما صار حارا يابسا لقربه من الشمس فقد كان ينبغي أن يكون الحرارة واليبس على طبيعة الزهرة أغلب وأن لا يكون في طبيعتها رطوبة البتة لأن الشمس كانت تنشف رطو بتها لقربها منها ثم ذكر زحل فزعم أنه بارد يابس وزعم أن برده لبعده من حرارة الشمس وأن يبسه لبعده من رطوبة بخار الأرض وقد أبطلنا فيما تقدم أن يكون الشمس لها فعل في أجرام الكواكب من التسخين وأن يكون الكوكب إذا بعد من الشمس يبرد في ذاته وإذا قرب منها يسخن في ذاته وأن ينال بخار الأرض الكواكب حتى ترطب لقربه منها أو تيبس لبعده عنها فليس إذن برد زحل لبعده من الشمس ولا يبسه لبعده من بخار الأرض
Page 352