101

Mudkhal Kabir

Genres

ويستدل أيضا بالبحر الشامي فإنه إذا صارت الشمس في أول العقرب إلى أن تصير إلى أول الحوت في هذه الأربعة الأشهر لا يستطيع الناس ركو به وذلك لأن الشمس تتباعد عنه وتحدث فيه رياح عاصفة وهذه المواضع التي ذكرناها في ناحية الشمال فأما المواضع الجنوبية المحترقة من شدة الحر فإن الموضع الذي عرضه عن خط الاستواء تسع عشرة درجة لا يتركب فيه حيوان ولا نبات وذلك لشدة حرارة الشمس فيه لأن الشمس إذا صارت في السنبلة في خمس درجات إلى أن تبلغ إلى الحوت خمس درجات تقرب منهم فتحرق كل شيء هناك والبحيرتان اللتان هما مادتا النيل هما في هذه البلاد المحترقة وفي هذا الموضع المحترق الذي ذكرنا البحر الزنجي وهو بحر لا يكون فيه شيء من الحيوان لشدة حرارة مائه وغلظه وذلك لأن الشمس إذا طلعت على هذا البحريجذب إليها بحرارتها الماء اللطيف الذي فيه فيغلظ ماء ذلك البحر ويصير مالحا ويسخن سخونة شديدة فلغلظ الماء وملوحته تبقى تلك السخونة فيه الليل كله فلهذه العلة يكون ماء هذا البحر غليظا مالحا لا يركبه الناس ولا يكون في عامته شيء من الحيوان وفي تلك الناحية مواضع كثيرة لا يتركب فيها الحيوان لشدة الحر فيها

فقد استدللنا بما وصفنا أن المواضع التي تبعد الشمس عنها فيشتد بردها أو تقرب منها فيشتد حرها إنها تفرط في الحر والبرد وإنه لا يتركب فيها حيوان ولا نبات وإن باعتدالها يكون قوام الطبائع والمطبوع ولو أن الشمس صارت إلى فلك الكواكب الثابتة لفسدت الطبائع والمطبوع ولو أنها انحدرت إلى فلك القمر لفسدت وذلك لأن في بعدها وقربها فساد للطبائع والمطبوع فلهذه العلة جعل البارئ الشمس وسط الكواكب السبعة لتكون بحركتها الطبيعية على هذا العالم الأرضي اعتدال الطبائع والمطبوع

Page 250