ويسرني جدا أن أعلن شكري لحضرات المستشارين والذوات الذين ساعدوني على السير في هذه الخطة الحكيمة، وللشعب المتمسك بحبال وطنيته الصادقة وأمانيه الحقة وسيره الحكيم والطاعة لأولي الأمر والثقة بأعمالهم المعقولة التي تكللت بالنجاح. وإنني لا أشك في أنه سيثابر على سيره بعد الآن كما سار بالأمس، وإننا نبشره بأن حكومتنا ستشرع في إعداد القانون الأساسي للمنطقة وتعديل قانون الانتخابات بما يوافق روح البلاد وطبقتها وبيئتها.
وبهذه المناسبة لا يمكننا أن نغفل عن الشكر للحكومة البريطانية العظمى، حليفة العرب وعضدهم القوي في السياسة العربية منذ النهضة العربية المباركة حتى الآن. ولا ريب أن العرب أثبتوا في جميع الظروف والأحوال حسن ولائهم وصداقتهم لحليفتهم العظمى، كما أنه لا يسعهم إلا أن يكونوا مدينين لها بالشكر الجزيل لاعترافها لهم باستقلال البلاد العربية كافة وتعضيد العرب على تأليف وحدتهم وفاء بعهودها. وإني لآمل أن يكون موقف الدولة الفرنسية الفخيمة تجاه قضيتنا العربية المقدسة وتجاه القسم الشمالي الباقي من وطننا المحبوب آخذا بها إلى عهد جديد كاف للدلالة على احترام أبناء الثورة الفرنسية لحرية الأقوام واستقلالها.
وإن المساعدات التي قام بها شخصيا كل من فخامة المندوب السامي المحترم وسعادة كبير المعتمدين المستر فلبي الموقر نحو هذه المنطقة، لجديرة بالإطراء. وإننا ننوه هنا بذكر الهيئات الوطنية والشيوخ والوجوه كافة والرجال العاملين الذين عضدونا في السير إلى هذه الخطوة المحمودة، وآزرونا في السعي خلال عامين في هذه المنطقة، موآزرة اعترف البعيد والقريب بصلاح نتائجها وشهد آثارها الجميع.
وإني لآمل أن يكون هذا اليوم يوما سعيدا للأمة تتخذه عيدا تظهر فيه سرورها وحبورها. ومنه تعالى نستمد العون ونسأله أن يطيل بقاء وتوفيق جلالة أمير المؤمنين مولانا الحسين بن علي بن محمد بن عون. والله ولي التوفيق.
وبعد ذلك ألقى فخامة المندوب السامي الخطاب التالي :
إني أرغب بالنيابة عن جلالة الملك جورج الخامس وحكومته، أن أقدم أصدق التهاني لسمو الأمير عبد الله وأهالي شرق الأردن، وبالحقيقة إلى جميع العرب بمناسبة هذا العيد السعيد.
إننا ندخل اليوم في طور عظيم الأهمية في تاريخ الأمم الكبير. فبعد أن كان للعرب عصر مجيد اشتهر بالإدارة والآداب والفنون والعلوم تقهقروا تحت اضطهاد دولة دخيلة غير راقية، ولكن الحرب الكبرى منحتهم فرصة لتحرير أنفسهم؛ فقد اشتركت جيوش بريطانيا العظمى تساعدها الجيوش العربية بقيادة أنجال شريف مكة المكرمة مع القوات العثمانية في حرب طال أمدها، وتكللت الثورة العربية ضد تركيا بالتعاون مع حملة الحلفاء بنجاح تام. وقد مهدت السبل الآن لنهضة عربية يتوقف انتشارها وأهميتها على العرب أنفسهم.
إن فصل هذه البلاد عن المملكة العثمانية وضع على عاتق بريطانيا العظمى مسؤولية تجاه عصبة الأمم، الجمعية الجليلة القدر التي تمثل رأي القسم الأكبر من العالم المتمدن، وستنجز الوعود التي أعطيت لجلالة الملك حسين في أثناء الحرب، ووفقا لهذه الخطط أعترف بشريف مكة ملكا مستقلا. وقد نصب جلالة الملك فيصل ملكا على العراق وأعطي سلطات فعلية. وقد عقدت معاهدة مع الملك حسين حديثا وستعلن نصوصها قريبا، وهي تدل على أن النهضة العربية قد دخلت في طور جديد.
وها نحن نحتفل الآن بالاتفاق الذي عقد مع سمو الأمير في أثناء زيارته لجلالة الملك جورج والحكومة البريطانية، ولا يخفى عليكم أن الاتفاق ينص على اعتراف حكومة جلالة الملك بوجود حكومة مستقلة في شرق الأردن برئاسة صاحب السمو الأمير عبد الله بن الحسين، شرطا أن توافق جمعية الأمم على ذلك، وأن تكون حكومة شرق الأردن دستورية تمكن حكومة جلالة الملك من القيام بتعهداتها الدولية فيما يتعلق بتلك البلاد، وذلك بواسطة اتفاق يعقد بين الحكومتين.
ولم تنقض سنتان على استلام الأمير إدارة شرق الأردن، حتى خرجت من طور التشويش واختلال النظام إلى طور سلام وتقدم متزايد. فاستفاد من هذا التحسين جميع الأهالي على اختلاف طبقاتهم سواء في المدن والقرى أو بين الفلاحين والبدو . والأمل وطيد بأن التقدم سيثمر بدرجة متزايدة. والفضل في ذلك يعود أيضا إلى المستشارين الذين اختارهم سمو الأمير، وأخص بالذكر منهم مظهر باشا رسلان الذي أرغب أن أقدم له التهاني الخالصة لنيله هذه الرتبة الجديدة.
Unknown page