130

Mudhakkirat

مذكرات هدى شعراوي

Genres

كان صاحب الدولة سعد باشا زغلول على رأس الوزارة التي تألفت في شهر مارس 1924، وكنا قد نبهنا الأذهان إلى ضرورة النص على أن السودان جزء لا يتجزأ من الدولة المصرية، وقد حدث في يوم 24 مايو 1924 أن جرت مناقشة في مجلس النواب بين سعد باشا زغلول وبعض النواب بشأن الأعمال الجارية في السودان، وكان موقف سعد باشا من هذه المناقشة يدعو إلى أن نعبر عن رأينا، وكان هذا البيان الذي وجهناه إلى الشعب المصري رجالا ونساء:

هالنا ما جاء في مناقشة صاحب الدولة سعد زغلول باشا بمجلس النواب، بشأن الأعمال الجارية في السودان بجلسة السبت 24 مايو 1924.

هالنا أن يوجه دولته إلى حضرة النائب المحترم عبد الرحمن بك الرافعي، العبارة الآتية (نريد أن نعرف الطريقة التي نملك بها السودان والمشروعات ونحن ليس في إمكاننا منع ما هو حاصل).

تقبلنا البرنامج الذي وضعه دولته عند تشكيل وزارته بالرضا، واعتبرناه عهدا وميثاقا على وزارته أمام الأمة، فلم يكن أحد يشك في أنه أعد مع من اختارهم من زملائه الوسائل والطرق التي توصله لتحقيق مطالب الأمة (في الاستقلال الحقيقي لمصر والسودان)، خصوصا عندما رأيناه راغبا كل الرغبة في تبوء منصة الحكم رغم نداء طبقة كبيرة من الأمة على رأسها صاحب السمو الأمير عمر طوسون بعدم قبولها. انتظرنا من عهد توليته الحكم أن يعمل على تحقيق برنامجه، وقد مرت عدة حوادث كان من شأنها أن توجب الريبة والشكوى من تصرف الوزارة مثل تنفيذ قانوني التعويضات والتضمينات، ومثل رفضها إجراء أي تعديل وتوضيح لخطبة العرش.

فاحتطنا هذه التصرفات كلها انتظارا لما عسى أن تؤديه وزارة الأمة من تحقيق مطالبها الحيوية الخاصة بمصر والسودان. فإذا بدولة سعد باشا رئيس الوزارة ورئيس الوفد وواضع ذلك البرنامج ينادي في جلسة مجلس النواب بأنه في حاجة لمن يرشده إلى الطريقة العملية التي تنال بها مصر حقها في السودان، وإذا به كذلك يقول أيضا مخاطبا نواب الأمة (إذا كان في إمكانكم عمل تجريدة أو عندكم قوة لمنع الإنجليز وأخذ السودان من أيديهم، فتفضلوا ودلوني عليها).

إلا أن وضع هذا السؤال بهذه الكيفية - وسعد باشا يعلم كما يعلم غيره أن مصر لا طاقة لها على تعبئة تجريدة عسكرية تقوى على إخراج إنجلترا من السودان - هو اعتراف بالعجز وتصريح لا يقبل الإيهام بأن دولته لم يعد يعتمد على ذلك السلاح الذي كان يعتمد عليه قبل توليته الحكم، أي وهو سلاح الحق الذي تستمد منه الأمة قوتها ثقة أنه أعظم أثرا من القوة المادية التي يملكها خصمها.

في هذه الحالة، يعلن الشعب المصري الكريم رجالا ونساء أنه لا يوجد خطر على القضية المصرية أكبر من أن يتولى المفاوضات مع إنجلترا رجل يعترف علانية أمام هيئة رسمية نيابية، بأنه عاجز عن تنفيذ ما عاهد به الأمة قبل وعند توليه الحكم، ولعل سعد باشا يكون أول من شعر بعظم المسئولية ويهيئ لأمته مخرجا من هذا الضيق.

هدى شعراوي

استقالة شريفة هانم رياض

كانت السيدة شريفة هانم رياض من أبرز الشخصيات في لجنة الوفد المركزية للسيدات وأكثرهن نشاطا، وقد شاركتني في كثير من المواقف منذ بدأنا التفكير في إنشاء لجنة السيدات إثر اندلاع ثورة 1919.

Unknown page