220

يكن لمن يريد ادراكه ذوق فطري ، اي : القوة التي يدرك بها دقائق الكلام والخواص ، واسراره اللطيفة الغامضة ، المودعة فيه.

(و) من كان شأنه ذلك ، اي : ليس له هذه القوة (لو) اراد ادراك اعجاز القرآن بالتدبر فيه ، فعليه (بالذوق المكتسب منه) اي : من هذا العلم ، اي : (علم البلاغة) وتوابعها.

(لا بغيره) اي : لا يدرك بغيره من العلوم.

وذلك : لأن تلك العلوم ، لا يحصل منها ذوق فهم محاسن الكلام بل اذواق اخر ، كل بحسبه ، ولا حاجة لنا في بيانه.

الى هنا : كان الكلام في رفع التناقض الأول ، وقد علم دفع الثانى ايضا ضمنا ، بل اندفع الثالث ، الذي كان في نفس كلام المفتاح حسب ما اشرنا اليه.

ولا يذهب عليك : ان احتمال التناقض الأول ، انما نشأ من حمل الكشف في كلام المصنف ، على الكشف للغير ، بمعنى ؛ توصيف المتدبر الاعجاز ، والتعبير عنه بما يدرك به غيره ، كما هو كذلك في كلام المفتاح .

واما : اذا حمل على الانكشاف للمتدبر ، فلا تناقض ، بل ولا احتماله.

كما ان احتمال التناقض الثاني : انما نشأ من جعل هذا العلم سببا قريبا للانكشاف ، كما هو المتبادر من الباء السببية ، في قوله : «وبه يكشف».

واما اذا قلنا : ان هذا العلم من الاسباب البعيدة ، وسبب للسبب والسبب القريب هو الذوق ، وان كان كسبيا ، فايضا لا تناقض ، بل

Page 222