343

Al-Muʿtamad fī uṣūl al-fiqh

المعتمد في أصول الفقه

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٠٣

Publisher Location

بيروت

ترك الصَّلَاة عِنْد طُلُوع الشَّمْس فتركناها فِي هَذَا الْوَقْت لأجل تَركه كُنَّا متأسين بِهِ وَلَيْسَ من شَرط التأسي أَن يَسْتَفِيد المتأسي صُورَة الْفِعْل وَوَجهه مِمَّن يتأسى بِهِ لأَنا موصوفون بِأَنا نتأسى بِالنَّبِيِّ ﷺ فِي الصَّبْر على الشدائد وَالشُّكْر على النعم إِذا فعلنَا ذَلِك لأجل فعله وَإِن لم نستفد صُورَة ذَلِك مِنْهُ وَلَا وَجهه وَلَيْسَ يمْتَنع أَن نَفْعل ذَلِك لأجل أَنه ﷺ فعله ولعلمنا بِوُجُوبِهِ أَو حسنه من جِهَة الْعقل وَذكر أَبُو عَليّ بن خَلاد ﵀ أَن الْفِعْل الَّذِي وَقع التأسي فِيهِ يجوز كَونه حسنا من الثَّانِي قبيحا من الأول لِأَن نَصْرَانِيّا لَو مَشى إِلَى الْبيعَة ليفعل فِيهَا مَا يَفْعَله النَّصْرَانِي فَتَبِعَهُ مُسلم ليرد وَدِيعَة كَانَت عِنْده فِي الْبيعَة كَانَ متأسيا بِهِ وَالْمَشْي حسن من الْمُسلم قَبِيح من النَّصْرَانِي وَهَذَا لَا يَصح لِأَنَّهُ لَا يكون متأسيا بِهِ مَعَ اخْتِلَاف الغرضين
وَذكر الشَّيْخ أَبُو عبد الله ﵀ أَنه يَنْبَغِي أَن يعْتَبر الْمَكَان الَّذِي وَقع الْفِعْل فِيهِ إِلَّا أَن يدل دلَالَة على أَنه لَا اعْتِبَار بِهِ وَذكر قَاضِي الْقُضَاة أَن اعْتِبَار الزَّمَان وَالْمَكَان يمْنَع من التاسي لفَوَات الزَّمَان وَلِأَنَّهُ لَا يُمكن اجْتِمَاع شَخْصَيْنِ فِي مَكَان وَاحِد فِي زمَان وَاحِد وَهَذَا إِنَّمَا يمْنَع من اعْتِبَار زمَان معِين وَلَا يمْنَع من اعْتِبَار مثل الزَّمَان كَمَا ذَكرْنَاهُ فِي وَقت صَلَاة الْجُمُعَة وَلَا يمْنَع من اعْتِبَار ذَلِك الْمَكَان فِي زمَان آخر وَلَا يمْنَع من اعْتِبَاره إِذا كَانَ الْمَكَان متسعا كعرفة وَالْوَاجِب اعْتِبَار الزَّمَان وَالْمَكَان بِحَسب الْإِمْكَان إِذا علم دخولهما فِي الْأَغْرَاض
وَذكر قَاضِي الْقُضَاة أَنه لَا اعْتِبَار بطول الْفِعْل وقصره لِأَن ذَلِك لَا يُمكن ضَبطه وَلقَائِل أَن يَقُول يجب اعْتِبَار ذَلِك بِحَسب الْإِمْكَان إِذا علم دُخُول ذَلِك فِي الْأَغْرَاض
فَأَما اتِّبَاع النَّبِي ﷺ فقد يكون فِي القَوْل وَقد يكون فِي الْفِعْل وَقد يكون فِي التّرْك فالاتباع فِي القَوْل هُوَ الْمصير إِلَى مُقْتَضَاهُ من وجوب أَو ندب أَو حظر لأَجله والاتباع فِي الْفِعْل أَو فِي التّرْك هُوَ إِيقَاع مثله فِي صورته على وَجهه لأجل أَنه أوقعه وَيُمكن أَن يُقَال اتِّبَاع النَّبِي ﷺ هُوَ الْمصير إِلَى مَا

1 / 344