Al-Muʿtamad fī uṣūl al-fiqh
المعتمد في أصول الفقه
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٠٣
Publisher Location
بيروت
Genres
Jurisprudence
وَمِنْهَا قَوْلهم إِن النَّبِي ﷺ لما سُئِلَ عَن الصَّلَاة لم يبينها فِي الْحَال وانتظر مَجِيء الْوَقْت حَتَّى يبينها بِالْفِعْلِ وَلم يبين آيَة الْحَج إِلَّا حِين حج وَقَالَ خُذُوا عني مَنَاسِككُم وَالْجَوَاب أَنه لَا يمْتَنع أَن يكون قد أشعر بِأَن المُرَاد بِالصَّلَاةِ لَيْسَ هُوَ الدُّعَاء بل هُوَ شَيْء آخر قد انْتقل اسْم الصَّلَاة إِلَيْهِ وَلَوْلَا هَذَا الْإِشْعَار لما سَأَلَ السَّائِل عَن الصَّلَاة بل كَانَ يحمل الصَّلَاة على الدُّعَاء وَلَا يمْتَنع أَن يكون قد بَينهَا من قبل بالْقَوْل وَأخر بَيَانهَا بِالْفِعْلِ إِلَى وَقتهَا ليتأكد الْبَيَان وَأما الْحَج فقد بَينه قولا قبل أَن يحجّ وَلِهَذَا حج أَبُو بكر ﵁ بِالنَّاسِ
وَمِنْهَا أَن النَّبِي ﷺ نهى عَن الْمُزَابَنَة فَلَمَّا شكت الْأَنْصَار إِلَيْهِ أرخص لَهُم فِي الْعَرَايَا ضرب من المزاينة وَهَذَا تَأْخِير بَيَان وَالْجَوَاب أَنه يجوز أَن يكون بَين لَهُم ذَلِك بَيَانا مُجملا أَو مفصلا فَلم يتبينوه على أَن قَوْله أرخص لَهُم فِي الْعَرَايَا اسْتثِْنَاء وَشرع فِي إِبَاحَة الْعَرَايَا وَفِي ذَلِك كَون هَذِه الْإِبَاحَة نسخا مُتَقَدما فمنى أجَاز تَأْخِير بَيَان النّسخ لم يلْزمه هَذَا الْكَلَام وَمن لم يجز ذَلِك إِلَّا بالإشعار يَقُول قد كَانَ أشعرهم بِأَنَّهُ سيعرض للحظر نسخ
وَمِنْهَا أَن عمر ﵁ سَأَلَ النَّبِي ﷺ عَن الْكَلَالَة فَقَالَ يَكْفِيك آيَة الصَّيف فَكَانَ عمر يَقُول اللَّهُمَّ مهما شِئْت فان عمر لم يتَبَيَّن وَالْجَوَاب أَنه لَا يمْتَنع أَن يكون الْبَيَان لم يتَأَخَّر وَلكنه لم يتَبَيَّن وَلَا بُد للمستدل من أَن يَقُول ذَلِك لِأَن الْحَاجة قد كَانَت حضرت
وَمِنْهَا أَن النَّبِي ﷺ أنفذ معَاذًا إِلَى الْيمن ليعلمهم الزَّكَاة وَغَيرهَا فَسَأَلُوهُ عَن الوقص فَقَالَ مَا سَمِعت فِيهِ شَيْئا من رَسُول الله ﷺ حَتَّى أرجع إِلَيْهِ فأسأله فَعلم أَن بَيَان ذَلِك لم يكن تقدم وَالْجَوَاب أَنه يجوز أَن يكون الْبَيَان قد كَانَ تقدم وَلم يتبينه معَاذ على أَن بَيَان ذَلِك هُوَ بِالْبَقَاءِ على حكم
1 / 328