Muctamad Fi Usul Fiqh
المعتمد في أصول الفقه
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٠٣
Publisher Location
بيروت
الْقَضَاء بعد خُرُوج الْوَقْت وَلَو فصل لَهُم مَا فصلناه لما اخْتلفُوا فِيهِ وَلَو خالفوا لم يكن مَا قُلْنَاهُ مُخَالفا للْإِجْمَاع لِأَنَّهُ إِنَّمَا يكون تفرقنا بَين الْمَوْضِعَيْنِ مُخَالفَة للْإِجْمَاع إِذا نظمت الْمَوْضِعَيْنِ طَريقَة وَاحِدَة وَقد بَينا أَن لَيْسَ ينظمهما طَريقَة وَاحِدَة
فَأَما مَا يدل على صِحَة مَا أخبرناه هُوَ أَن الشَّرْع اقْتضى حمل مَا تنَاوله النَّهْي على الْفساد مَا لم تكن هُنَاكَ دلَالَة تصرف عَنهُ وَهُوَ حُصُول الْإِجْمَاع الْمُتَقَدّم عَلَيْهِ لِأَن الْمَعْلُوم من حَال الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ أَنهم كَانُوا يحكمون بِفساد الْعُقُود وَغَيرهَا لتناول النَّهْي لَهَا ويرجحون فِي الدّلَالَة على فَسَادهَا إِلَى مُجَرّد النَّهْي الْوَارِد عَن الله تَعَالَى وَعَن الرَّسُول ﷺ كرجوعهم إِلَى قَوْله ﷺ لَا تنْكح الْمَرْأَة على عَمَّتهَا وَلَا على خَالَتهَا وَلَا الْخَالَة والعمة عَلَيْهَا لَا الصُّغْرَى على الْكُبْرَى وَلَا الْكُبْرَى على الصُّغْرَى فِي فَسَاد هَذَا العقد من غير اعْتِبَار أَمر سواهُ وكرجوعهم إِلَى نَهْيه عَن بيع الْغرَر وَبيع مَا لم يقبض وَبيع مَا لَيْسَ عِنْده فِي فَسَاد هَذِه الْعُقُود من غير اعْتِبَار معنى سوى ذَلِك وكرجوعهم عِنْد الِاخْتِلَاف فِي حكم الرِّبَا نَقْدا ونسيئة إِلَى خبر أبي سعيد الْخُدْرِيّ وَعبادَة بن الصَّامِت فِي النَّهْي عَنهُ نَقْدا وَلما رُوِيَ من رُجُوع ابْن عَبَّاس عَن مذْهبه فِي ذَلِك حِين روى لَهُ هَذَا النَّهْي وَهَكَذَا رَجَعَ كثير مِنْهُم إِلَى نَهْيه ﷺ عَن نِكَاح الْمُحرمَة وَنِكَاح الشّغَار فِي فَسَاد هذَيْن الْعقْدَيْنِ وَلم يحك عَمَّن خَالف فِي هَاتين الْمَسْأَلَتَيْنِ أَنهم أَنْكَرُوا على مخالفيهم الرُّجُوع إِلَى النَّهْي فِي ذَلِك وَالِاسْتِدْلَال بِهِ وَإِنَّمَا نازعوهم فِي ذَلِك واعترضوا استدلالهم بِالنَّهْي من وُجُوه أخر فَصَارَ هَذَا إِجْمَاعًا مِنْهُم على أَن النَّهْي المتناول للافعال الشَّرْعِيَّة من حَقه أَن يكون مقتضيا لفسادها مَا لم تدل دلَالَة على خلاف ذَلِك
وَفِيه فان قيل إِذا وجدناهم قد حكمُوا بِفساد مَا تنَاوله النَّهْي فِي بعض الْمَوَاضِع وحكموا بِصِحَّتِهِ فِي مَوضِع آخر فَلم صَار حكمهم بِالْفَسَادِ دلَالَة على أَن من حق النَّهْي أَن يَقْتَضِيهِ أَن يحمل عَلَيْهِ أولى من أَن يحكم بِأَن النَّهْي بِمُجَرَّدِهِ لَا يَقْتَضِي الْفساد اسْتِدْلَالا بفعلهم فِي الْمَوَاضِع الْأُخَر الْجَواب أَنه إِذا ثَبت أَن الحكم بِفساد الْمنْهِي عَنهُ علقوه بِالنَّهْي فَقَط فِي الْموضع الَّذِي حكمُوا
1 / 178