ومعي أنه قد شبه من شبه ذلك على معاني القول به،أن لو كانت النجاسة في غير مواضع الوضوء، ففعل فيه ذلك بعد الوضوء وغسله له غيره أو غسله هو، ولم يمسسه بشيء من جوارحه عند الغسل، أن ذلك سواء ويتم وضوؤه، وذلك غير بعيد عند ثبوت معاني القول في هذه الآية، لا فرق في ذلك في مواضع الوضوء، سواء كانت النجاسة لعلة في مواضع الوضوء أو في غير مواضع الوضوء، بل في مواضع الوضوء أشد وأحرى وأولى، أن يفسد الوضوء ما مس جوارح الوضوء من النجاسة، لأن مواضع الوضوء أقرب الأشياء من البدن إلى ثبوت الوضوء بطهارتها وثبوت نقض الوضوء بنجاستها، لأنه قد جاء فيما قيل مما يخرج على معاني الاتفاق من قول أصحابنا، أنه لو مس الرجل فرجه بشيء من غير مواضع وضوئه لم ينقض ذلك وضوءه، وإذا مسه بمواضع وضوئه نقض ذلك وضوءه.
وكذلك قد قيل -في أكثر ما عندي أنه من قولهم -: إنه لو مس فرج زوجته أو سريته بغير مواضع الوضوء من بدنه، على غير معاني الشهوة، فإنه لا ينقض وضوءه، ولو مسه بفرجه ما لم تغب الحشفة في فرجها مجامعا، وإذا مس فرجها بشيء من مواضع وضوئه انتقض وضوؤه، فهذا مما يدل على أن سائر بدنه غير مواضع الوضوء منه،أهون وأقرب في مواضع نقض الوضوء، بمس ما ينقض الوضوء من الأشياء المفسدة له.
كذلك مس النجاسة لمواضع الوضوء،أشبه أن يكون ذلك أقرب إلى فساد الوضوء.
Page 175