وأما ما لم يمس الميتة ويصل إلى بشرتها في مماستها، فلا يقع عليه حكم فساد كانت الطهارة أصلها من الجامدات، أو جمد بعد أن كان مائعا، فإذا كان جامدا جمودا لا يمنع، فيأخذ من بعضه بعض فإنه إنما يفسد من جميع ذلك ما مس الميتة، ولو خرج شيء من الطهارة على الميتة، إذا خرجت من الطهارة الجامدة قد احتملته الميتة، فإن ذلك معنا لا يفسد منه إلا ما مس نفس البشرة الميتة من الطهارة، وأما غيره فلا يفسد ولو احتمل على الميتة حين يخرج، ولو كان كلما خرج على الميتة مفسدا لموضع، إذ هو مما مس النجاسة التي قد تنجست نفس الميتة، لكان في الاعتبار يخرج أم جميع الطهارة التي وقعت فيها الميتة نجسة، لأنها مماسة لبعضها بعض متصلة ببعض، ولكن إنما يخرج في الاعتبار والنظر نجاسة، ما مس نفس الميتة فقط لا غير ذلك، خرج معها أو لم يخرج معها، و اذا أثبت نجاسة ما خرج معها لما لم يمسها لمعنى مماسته بعض ذلك البعض، ثبت فساد ذلك كله لمعنى المماسة، فافهم معنى ذلك.
وإذا ثبت ذلك في السمن الجامد والعسل الجامد، فمعي أنه قد جاء في معاني ما يشبه ذلك السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الفأرة تقع في السمن الجامد، وثبوت معاني هذا فيها أنه إنما يفسد من السمن الجامد، ما مس الفأرة الميتة.
وجاء مؤكدا في الأثر في العسل الجامد مثل السمن الجامد، ولعله شبيه به، و إذا لم يكن السمن والعسل مائعا، فمعنى أحكامه الجامدة، لأنه إما أن يكون جامدا وإما أن يكون مائعا، فإذا كان مائعا فسد كله، وإذا كان جامدا فإنما يفسد منه ما مس الميتة والنجاسة الحالة فيه، مما يشبه الميتة، أو ما يشبه ما لا يميع فيها ولا يخالطها بذاتها، فإنما يفسد من ذلك ما مس النجاسة.
Page 135