والبحث يؤكد لنا أن المعز الصنهاجي لم يكن تظاهره بالسنة سببا لانتفاضة القيروان. ويؤيد هذا:
أولًا: ما في المغرب لأنه لا يمكن أن يكون سنة (٤٠٧)، وهو ابن سبع سنين يتعلق بمذهب أهل السنة ويستغيث بأبي بكر وعمر، وإنما الحامل له على تعلقه بالسنة، وإعلانه الانتماء إلى الدولة العباسية هو أنه رأى أن ملكه لا يقوم إلا إذا عدل عن مذهب الفواطم، وأخذ بالسنة مذهب مالك، وقد افتتح ملكه على ظهور تمكن السنة ولا يمكن أن يكون حبه للسنة وإعلانه رفض الدعوة الفاطمية يرجع إلى خصوص تأثير أبى الحسن بن أبي الرجال كما ذكر.
ثانيًا: ما تظافر عليه من الأسباب، وأقواها كما أراه هو أن إفريقية لم تلتفت إلى مذهب الفاطميين وتمسكت بمذهب مالك الذي عمل رجاله بإخلاص وصدق على تمتينه والأمة على رأيهم، فبذلك انقرض هذا المذهب الانقراض الرسمي وإلا فهو في نفس الأمر والواقع قد انقرض منذ زمان بعيد، بل إنه له يتمكن من هذه الديار، ولم يحلّ في العقول، وإنما كان مذهب الخاصة من أصحاب الأطماع الذين اندمجوا فيه استدرارا لما يجدونه من منافع خاصة (٣٦).
وهذا ما جعل المازري يكون من أشد الناس تمسكا بالسنة، ومن زمرة الأشعرية المتمسكين بأشعريتهم وكذلك بالمالكية.
اضطراب الحياة في عصره:
نبغ المازري بإفريقية في عصر كانت فيه الفتن قائمة على قدم وساق، وقد لاقى الناس عن ذلك الأمرَّين، فهناك فتنة سياسية حيث انقسمت أولًا
_________
(٣٦) المغرب ج١ ص٢٧٣.
1 / 27