الإفريقية لم تجد عددا وافرا من المتمذهبين بالمذهب المذكور بل وجدت أقلية ضئيلة لا يعبأ بها ولا يحسب لها حساب فبمجرد ما نبذهم القوم، وقاموا في وجوههم تحصنوا فكانوا في متناول الأيد لقتلهم.
وتحدثنا المصادر الصحيحة أن الدرب الذي لهم بالقيروان كان معروفا بأن أهله يتسترون بمذهب الشيعة من شرار الأمة، فانصرفت العامة إليهم من فورهم فقتلوا منهم خلقا رجالًا ونساءً، وانبسطت أيدي العامة على الشيعة وانتهبت دورهم وأموالهم.
وكان الأمر كذلك بالمهدية حين انتهى إليهم ما حدث بالقيروان حتى أن من لجأ إلى الجامع بالمهدية لم يسلم، فقتل من اجتمعوا به عن آخرهم.
وكان عددهم بالمنصورية لما رجعت إليهم العامة ألفا وخمسمائة حوصروا حتى قتل أكثرهم (٣٤).
يتضح مما ذكرته المصادر المعتمدة التي نقل عنها المراكشي في "المغرب" فهو خلاصتها: أن المتمذهبين ليسوا بكثرة إذ لو كانوا كذلك لقامت حرب داخلية إذ بمجرد ما امتدت إليهم أيدي العامة انقرضوا عن آخرهم أو كانوا كالمنقرضين.
فكون الأمة لم تكن في صف المذهب الفاطمي أدى بالمعز الصنهاجي أن يعلنها قطيعة صريحة مع الفواطم بمصر، وكان إعلانه لذلك سنة (٤٤٠) وإن كان قبل ذلك يتودّد إلى العامة بالظهور بمذهب أهل السنة، فقد كان يلعن الرافضة، وكبا به فرسه ذات مرة فنادى مستغيثا باسم أبي بكر وعمر مما أدى إلى زيادة ثورة العامة على الشيعة (٣٥).
_________
(٣٤) المغرب للمراكشي ج١ ص ٢٦٨.
(٣٥) كتاب العبر لابن خلدون ج٦ ص ٣٢٥.
1 / 26