239

Mucjiz Ahmad

اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي

Genres

Rhetoric
يقول: بين أعلى هذه المرأة، وبين قدميها جسم، أو وجه، له نور. مضىء بحيث يقود الإبل بلا زمام؛ لأن الإبل - لحسنها - تنقاد لها، والهاء في أزمتها للنياق، فهو مؤخر في الرتبة وإن كان مقدما في اللفظ. وطرفٌ إن سقى العشّاق كأسًا ... بها نقصٌ سقانيها دهاقا وطرف عطف على قوله: نور يعني لها طرف إذا سقى عشاقة كأسًا من الهوى ناقصة، سقانيها مملوءة. أي حبه لطرفها أكثر من حب كل عاشق له. وخصرٌ تثبت الأبصار فيه ... كأنّ عليه من حدثٍ نطاقا وخصر أيضًا عطف على ما تقدم من البيت، والكنايات للخصر يقول: إن خصرها إذا بدا نظرت إليه العيون من كل جانب، وثبتت فيه شاخصة متحيرة، لا يمكن للناظر أن يصرف عينه، فيصير طرف الناس بإحاطته به كالنطاق المحيط بالخصر، وأخذ هذا المعنى بعضهم فقال: أحاطت عيون العالمين بخصره ... فهنّ له دون النّطاق نطاق وقال ابن جني: معناه أن الأبصار تؤثر فيه لنعومته، ورقة بشرته! فيصير ذلك الأثر الحاصل عن الأبصار حوالي خصره كالنطاق. والأول أولى. سلي عن سيرتي فرسي ورمحي ... وسيفي والهملّعة الدّفاقا الهملعة: الناقة الخفيفة. والدفاقا. بكسر الدال وفتحها: الكثيرة السير فكأنها تتدفق كما يتدفق الماء، إذا جرى بشدة. والسيرة: الطريقة، والعادة. يقول لعاذلته؛ سلى عن شجاعتي: فرسي ورمحي، وعن السير: ناقتي، فإنها تخبرك بأفعالي، فلا أصغو إلى عذلك. تركنا من وراء العيس نجدًا ... ونكّبنا السّماوة والعراقا نكبنا: أي بعدنا، وعدلنا عنه. والسماوة: مفازة بين الشام والعراق. يقول: وتركنا نجدًا وراء ظهورنا، وعدلنا عن السماوة والعراق، وقصدنا سيف الدولة، بحلب. فما زالت ترى والليل داجٍ ... لسيف الدّولة الملك ائتلاقا الائتلاق: اللمعان. يقول: ما زالت العيس ترى لمعان غرة سيف الدولة في ظلمة الليل، فتهتدي بضوء غرته في طريقها إليه. وقيل: أراد أن مقصودنا لما كان سيف الدولة، كان الليل لنا بمنزلة النهار عند قصدنا إياه، من الفرح. وقيل: أراد أنه قد بلغ من كرمه أن يوقد النار للضيوف في كل موضع، فترى العيس ذلك وتستأنس به. والأول هو الظاهر. أدلّتها رياح المسك منه ... إذا فتحت مناخرها انتشاقا الانتشاق: طلب الرائحة بالأنف، والهاء في منه للممدوح. يقول: العيس كانت تستدل على مكانه بما تنتشق من رائحته، فكانت رياح المسك أدلة لها إليه إذا فتحت العيس مناخرها للانتشاق، فكأنه عبر عن كرمه بالمسك، وعن صيته بالرياح. أباح الوحش ... يا وحش الأعادي فلم تتعرّضين له الرّفاقا؟ تقدير البيت: يا وحش أباح سيف الدولة. الوحش الأعادي. فالوحش أحد المفعولين، والأعادي المفعول الآخر. وروى: أباحك أيها الوحش الأعادي والرفاق: هم قوم يجتمعون في السفرة. وكان الأسد افترس له ناقة في قصد مسيره إلى سيف الدولة. فيقول للوحش: يا وحش أباح لك سيف الدولة الأعادي؛ فإنه يقتلهم ويطرحهم لك، فلم تتعرضين الرفاق القاصدين إليه؟ لأنك مستغنية عن ذلك بما مكنك من لحوم قتلاه. ولو تبّعت ما طرحت قناه ... لكفّك عن رذايانا وعاقا ما طرحت: في موضع نصب، لأنه مفعول تبعت أي لو تبعت مطروح قناته. والرذايا: جمع رذية، وهي البعير الذي قام من الإعياء، ولم يقدر على السير. يقول للوحش: لو تبعت ما طرحت رماح سيف الدولة من القتلى لمنعك عن أكل الإبل المعيبة، لأن لك بقتلاه مندوحة عن إبلنا. ولو سرنا إليه في طريق ... من النّيران لم نخف احتراقا يقول للوحش: كيف تعرضت لنا ونحن نقصده؟ ولم تخافي صولته وهيبته، فإن لو سرنا في طريق يلتهب نارًا، وعلمت النار أنا قاصدوه لم تضرنا! ولم تقدر على إحراقنا، يعني أن كل شي من الوحش والعاتين في الأرض يخافه، حتى لو تصور في الجمادات أن تخافه لخافته. إمامٌ للأئمّة من قريشٍ ... إلى من يتّقون له شقاقا الهاء في له قيل: راجع إلى إمام، ويجوز أن يكون راجعًا إلى ضمير من تقديره: إلى من يتقون شقاقه. فلما قدمه أدخل فيه اللام كقوله تعالى: " لِلّرؤْيَا تَعْبُرُون " والشقاق: العصيان والمخالفة.

1 / 239