Mucjiz Ahmad
اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي
Genres
Rhetoric
يقول: مضى سيار بن مكرم ومضى بنوه، وهم أبوه وأعمامه، وانفردت أنت بفضلهم، أي جمعت فضائلهم، فكأنك جميعهم، كما أن الألف واحد؛ من حيث اللفظ وإن كان ألفًا في المعنى، وأعداد كثيرة ومنتهى الأعداد، فهي تجمع الأعداد مع أنه واحد.
لهم أوجهٌ غرٌّ، وأيدٍ كريمةٍ ... ومعرفةٌ عدٌّ، وألسنةٌ لد
لهم: أي لأجداده، أوجه بيض وأيد كريمة: أي سخية. وقيل: نعم خالصة من المن، ومعرفة عد: كثيرة، وألسنة لد: فصيحة شديدة الخصومة ماهرة بالجدال.
وأرديةٌ خضرٌ، وملكٌ مطاعةٌ ... ومركوزةٌ سمرٌ، ومقربةٌ جرد
وأردية خضر قيل: أراد نعمٌ سابغة وعطاي هنيةٌ. كما قال:
غمز الرداء إذا تبسم ضاحكًا ... البيت.
وقيل: أراد به الرداء، وخص الخضر؛ لأنها من ثياب الملوك في ديار العرب. وقيل: أراد بالخضر السود، أي اسودت موضع حمائلهم لكثرة تقلدهم بالسيوف. قوله: وملك مطاعة أنث الملك على معنى السلطان، وهو مؤنث ذهابًا بها إلى القدرة. وقيل: أراد بالتأنيث المملكة ومركوزة سمر: أي الرماح ركزت. أي غرزت في بيوتهم. وذلك عادة. ومقربة جرد: أراد به الخيل المقربة من البيوت، فهي لا ترسل لكرمها وخوفهم عليها وحبهم لها فتربط قريبًا من البيوت. والجرد: جمع أجرد، وهي القصار الشعور.
وما عشت ما ماتوا ولا أبواهم ... تميم بن مرٍّ وابن طابخةٍ أد
ما الأولى للوقت، والثانية للنفي.
يقول: ما دمت تعيش، فما مات أحد من آبائك، ولا مات تميم بن مر، وابن طابخة، الذين أنت وآباؤك من نسلها؛ لأن فضائلهم موجودة فيك. وأد: اسم ابن طابخة.
وقوله: تميم بن مر. بدل من قوله: ولا أبواهم. وابن طابخة معطوف عليه، وإن شئت جعلته عطف على سيار، وأبدل من ابن طابخة، أو عطف بيان، ويجوز أن يكون تميم بن مر: خبر ابتداء محذوف أي هما تميم بن مر وابن طابخةٍ أد، كأن قائلًا قال: من هما؟ قال: تميم بن مرو وابن طابخة، فيكون تفسيرًا لقوله: ولا أبواهم.
فبعض الذي يبدو الذي أنا ذاكرٌ ... وبعض الذي يخفى علي الذي يبدو
يقول: ما أذكر من أوصافك ومناقبك، بعض ما يظهر لي منها، والذي ظهر لي منها بعض ما خفي علي، فالذي خفي أكثر مما ظهر، وما ظهر لي أكثر مما ذكرت، لأن لفظي يقصر عنها.
وتقديره: وبعض الذي يبدو، مثل بعض الذي يخفى. فحذف المضاف.
ألوم به من لامني في وداده ... وحق لخير الخلق من خيره الود
الهاء في به للذكر، أو الوصف لفضله.
يقول من لامني في حبي إياه، ألومه بما وصفته من مفاخره، وأرد عليه بذكر محاسنه؛ لأن الممدوح خير الخلق، وأنا أيضًا كذلك، فحق لي أن أوده لأن الجنس يصبو إلى جنسه.
كذا فتنحوا عن عليٍِّ وطرقه ... بني اللوم حتى يعبر الملك الجعد
الجعد: السخي. وقيل: معناه أنه أبى الظلم منقبض عن الضيم، هذا إذا أطلق، فإذا قرن باليدين كان ما يعنون أنه بخيل وبني اللؤم نداء مضاف، وقيل نصب على الذم.
يقول: تنحوا أيها اللائمون طرق المكارم، حتى يعبرها الملك السخي الأبي الضيم من غير مشقة. ومثله لبشار:
سمعت بمكرمه ابن العلا ... ء فأنشأت تطلبها لست تم
فما في سجاياكم منازعة العلا ... ولا في طباع التربة المسك والند
يقول: ليس في طباعكم منافسة الكرام على المكارم، كما أن التراب ليس في طبعه أن يولد المسك والد وأراد أن يسافر فودعه صديقٌ له فارتجل وقال:
أما الفراق فإنه ما أعهد ... هو توأمي لو أن بينًا يولد
التوأم: الذي ولد معه آخر. وما بمعنى: الذي. أي الذي أعهد.
يقول: إني تعاهدت الفراق، وهو الذي أعهده منذ ولدت، ولو كان البين يولد لكنت أنا وهو توأمين. ومثله قول الآخر:
فأنت الندى وابن الندى وأخو الندى ... حليف الندى ما للندى عنك مذهب
ولقد علمنا أننا سنطيعه ... لما علمنا أننا لا ينلخد
يقول: لما علمنا أن الموت كتب علينا، وأننا لابد لنا من الفراق! علمنا أننا في طاعته والانقياد له.
وإذا الجياد أبا البهي نقلننا ... عنكم فأردأ ما يكون الأجود
وروى: فأردأ ما ركبت الأجود.
يقول: يا أبا البهي، إذا كانت الخيل سببًا لفراقنا، فأجودها وأسبقها أردؤها؛ لأن أجودها أسرع في إبعادنا، فلذكل صار ذمًا لها.
1 / 172