Mucawiya Ibn Abi Sufyan

Cabbas Mahmud Caqqad d. 1383 AH
99

Mucawiya Ibn Abi Sufyan

معاوية بن أبي سفيان

Genres

قال وقد اعتزم لقاء النبي - عليه السلام - ما فحواه: «فلقيت خالدا فقلت: ما رأيك؟ قد استقام المنسم والرجل نبي، فقال خالد: وأنا أريده، قلت: وأنا معك ... وكنت أسن منهما فقدمتهما لأستدبر أمرهما، فبايعا على أن يغفر لهما ما تقدم من ذنوبهما، فأضمرت أن أبايعه على أن يغفر لي ما تقدم وما تأخر، فلما بسط يده قبضت يدي، فقال عليه السلام: ما لك يا عمرو؟! قلت: أبايعك يا رسول الله، على أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي، قال: إن الإسلام والهجرة يجبان ما كان قبلهما، فبايعته، ووالله ما ملأت عيني منه ولا راجعته بما أريد حتى لحق ربه؛ حياء مني.»

وقلنا قبل ذلك: «ومن سيرة عمرو بعد إسلامه نعلم أنه كان يتعبد، ويتصدق ويستغفر من ذنوب وقع فيها، ويقيم الصلاة، ويسرد الصوم، ويعيش بين ذويه مسلما، وكلهم مسلمون.»

ويقال في معاوية كل ما يقال في عمرو مع اختلاف الطبائع، وبقاء لوازمه أو ملازماته في أعمق أعماق الطوية على غير وعي من صاحبها؛ حيث يستوحيها مع العقيدة في أعماله الظاهرة وسرائره الخفية.

ومن حيل الطبع في العلاقة بينه وبين ربه أنها لا تخرج عن وحي سليقته في العلاقة بينه وبين الناس.

كان حريصا على أن يبرئ ذمته، ويلقي تبعته بما وسعه من حيلة وحول ، وهكذا كان اجتهاده في نفي التبعة عنه بين يدي الله.

انظر مثلا إلى حيلة طبعه حين أراد أن يبرأ إلى الله من أخذ البيعة بعده لابنه يزيد، قال في إحدى خطبه: «اللهم إن كنت إنما عهدت ليزيد لما رأيت في فضله فبلغه ما أملت وأعنه، وإن كنت إنما حملني حب الوالد لولده، وإنه ليس لما صنعت به أهلا، فاقبضه قبل أن يبلغ ذلك.»

وكأننا به يسائل نفسه بعد ذلك: «ماذا بقي من التبعة علي في عقابيل هذه البيعة؟ غاية ما أرعى به حق الله في أمر ولدي الذي أحبه أن أسأل له الموت إن كان غير أهل لولاية العهد بعدي، فإن كان الله قد أبقاه ولم يقبضه، فقد صنعت ما يستطيعه والد يظن بينه وبين نفسه أنه قدم حب ولده على رعاية حق الله.»

ومن حيل الطبع في خطبته الأخيرة قوله: «إن من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، اللهم إني أحببت لقاءك فأحبب لقائي.»

حجة مقبولة عند الله؛ مخلوق يحب أن يلقى خالقه، فالله يحب أن يلقاه.

واختلاف طبائع الناس في الدين على غير وعي منهم لا معنى له إلا أنهم يتدينون على حسب طبائعهم، وليس معناه أنهم يناقضون الدين ولا ينطوون في بواطنهم عليه.

Unknown page