لعمري، لقد أنكرت نفسي ورابني ... مع الشَّيب أبدالي الَّذي أتبدَّل
وتسميتي شيخا وقد كان قبله ... لي اسم فلا أدعي به وهو أوَّل
وزهدي فيكفيني اليسير وإنَّني ... أنام إذا أمسي ولا أتعلَّل
وظلعي ولم أكسر وإنّ حليلتي ... تحوز بنيها في الفراش وأعزل
فصول أراها في أديمي بعد ما ... يكون كفاف اللَّحم أو هو أجمل
يحبُّ الفتى طول السَّلامة والغنى ... فكيف يرى طول السَّلامة يفعل
قالوا: وعاش نصر بن دهمان بن بصار بن بكر بن سليم بن أشجع بن الرَّيث ابن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان مائة وتسعين سنة حتى سقطت أسنانه وابيضّ رأسه، فحزب قومه أمرٌ احتاجوا فيه إلى عقله ورأيه.
فدعوا الله أن يرد عليه عقله وشبابه.
فرد الله عليه عقله وشبابه وفهمه، واسودّ شعره.
فقال سلمة بن الخرشب الأنماريّ، من أنمار بن بغيض، ويقال، بل عياض بن مرداس:
نصر بن دهمان الهنيدة عاشها ... وتسعين حولا ثمَّ قوِّم فانصاتا
وعاد سواد الرَّأس بعد ابيضاضه ... وراجعه شرخ الشَّباب الَّذي فاتا
وراجع عقلا بعد عقل وقوَّة ... ولكنَّه من بعد ذا كلِّه ماتا
قالوا: وعاش زهير بن مرخة، من بني وابش بن عدوان بن عمرو بن قيس ابن عيلان مائة وسبعين سنة.
وقال في ذلك:
كبرت وأمست عظامي رمادا ... وما تأمل العين إَّلا رقادا
أقول لأهلي لا تظعنوا ... وهاتوا فراشا وطيئا وزادا
قالوا: وعاش ربيعة، وهو أبو جعاد من بني عدوان مائة وسبعين سنة.
وقال في ذلك: أبا جعاد اليوم أفناك الكبر والدَّهر فينان، فحرٌّ وخصر أيَّام إذ تجني لك السَّمن مضر في قيس عيلان وأحياء أخر قالوا: وعاش نابغة بني جعدة، واسمه، قيس بن عبد الله بن عدس بن ربيعة بن جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة مائتي سنة، وأدرك الإسلام، وأسلم.
وقال حين وفت له مائة واثنتا عشرة سنة:
مضت مائة لعام ولدت فيه ... وعشر بعد ذاك وحجَّتان
فأبقى الدَّهر والأيَّام منِّي ... كما أبقى من السَّيف اليمان
تفلَّل وهو مأثور جراز ... إذا جمعت بقائمة اليدان
ألا زعمت بنو كعب بأنِّي ... ألا كذبوا كبير السِّنِّ فإني
فمن يحرص على كبري فإنِّي ... من الفتيان أزمان الختام
الختان مرض أصاب الناس في أنوفهم وحلوقهم، وربما أخذ النَّغم، وربما قتل.
وقتل أيضا:
لبست أناسا فأفنيتهم ... وأفنيت بعد أناس أناسا
ثلاثة أهلين أفنيتهم ... وكان الإله هو المستآسا
المستآس المستعاض، مستفعل من الأوس، والأوس العطيّة عوضا.
وقال أيضا:
قالت أمامة كم عمرت زمانة ... وذبحت من عنز على الأوثان
ولقد شهدت عكاظ قبل محلِّها ... فيها وكنت أعدُّ ملفتيان
أراد من الفتيان.
والمنذر بن محرّق في ملكه ... وشهدت يوم هجائن النُّعمان
وعمرت حتَّى جاء أحمد بالهدى ... وقوارع تتلى من الفرقان
ولبست ما لإسلام ثوبا واسعا ... من سيب لا حرم ولا منَّان
قالوا: وعاش قردة بن نفاثة السَّلوليّ، من عمرو بن مرَّة بن صعصعة بن معاوية ابن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان مائة سنة وأربعين سنة، وأدرك الإسلام.
وقال في إسلامه:
الحمد لله إذ لم يأتني أجلي ... حتَّى لبست من الإسلام سربالا
وقد أروِّي نديمي من مشعشعة ... وقد أقلِّب أوراكا وأكفالا
قال أبو حاتم، ويزعمون أن البيت الأول للبيد، وأنه لم يقل في الإسلام غيره، والله أعلم.
قالوا: وعاش زهير بن أبي سلمى الشاعر، وهو زيد بن ربيعة بن عمرو، ويقال، إنه من مزينة، وكذلك قال ابنه كعب في شعره؛ ويقال: إنه من عبد الله ابن غطاف مائة وعشرين سنة.
وقال حين بلغ الثمانين:
سئمت تكاليف الحياة، ومن يعش ... ثمانين حولا، لا أَبا لك يسأَم
1 / 26