ما تبتغي من بعد هذا عيشة ... إلاَّ الخلود، ولن ينال خلودا
وليفنين هذا وذاك كلاهما ... إَّلا الإله ووجهه المعبودا
وقال أيضا:
فنيت وأفناني الزَّمان وأصبحت ... لداتي بنو نعش وزهر الفراقد
قالوا: وعاش كبير بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة مائة وعشرين سنة، وأدرك الإسلام فأسلم، وقال ابن اللكبيّ وغيره، بل عاش ثلاثين ومائة سنة، وكان يوم جبلة ابن تسع سنين، وولد عامر بن الطُّفيل في ذلك اليوم.
ووفد عار إلى النبي ﷺ، وهو ابن نيِّف وثمانين.
وقالوا: كانت أعطيات الناس ألفين وخمسمائة، فكتب معاوية إلى زياد أن ينقص الخمسمائة.
وحدثنا أبو حاتم قال، سمعت الأصمعيّ يقول، أراد أن يردّه إلى ألفين.
فقال: ما بال العلاوة بين العدلين؟ فجاء لبيد ليأخذ عطاءه.
فقال زياد: أبا عقبل، هذان الخرجان.
" يعني الألفين ".
- فما بال العلاوة؟ " يعني الخمسمائة ".
قال: ألحق العلاوة بالخرجين، فإنك لا تلبث إلا قليلا حتى يصير لك الخرجان والعلاوة.
قال: فأعطاه زياد ألفين وخمسمائة، ولم يعطها غيره.
فما أخذ عطاء آخر حتى مات ﵀.
وقال لبيد:
أليس ورائي أن تراخت منيَّتي ... لزوم العصا تحفى عليها الأصابع
أخبِّر أخبار القرون الَّتي مضت ... أدبُّ كأنِّي كلَّما قمت راكع
وقال:
ذهب الَّذين يعاش في أكنافهم ... وبقيت في خلف كجلد الأجرب
وقال حين مضت له سبع وسبعون:
نفسي تشكَّي إلىَّ الموت مجهشة ... وقد حملتك سبعا بعد سبعينا
إن تحدثي أملا يا نفس كاذبة ... ففي الثَّلاث وفاءٌ للثَّمانينا
فلما بلغ مائة وعشرا قال:
أليس في مائة قد عاشها رجل ... وفي تكامل عشر بعدها عمر
فلما بلغ عشرين ومائة، قال:
ولقد سئمت من الحياة وطولها ... وسؤال هذا النَّاس كيف لبيد
قال: وحدثنا الرِّياشي قال أبو روق، وحدثناه أبو الخطاب زياد بن يحيى الحسّانيّ عن الهيثم بن الربيع قال، حدثنا أبي عن الشَّعبيّ قال، أرسل إلىّ عبد الملك بن مروان، وهو شاكٍ، فدخلت عليه، فقلت: كيف أصبحت يا أمير المؤمنين؟ فقال: أصبحت كما قال ابن قمئة أخو بني قيس بن ثعلبة.
قال: وما قال؟ قال: قال:
كأنِّي وقد جاوزت تسعين حجَّة ... خلعت بها عنِّي عذار لجامي
رمتني بنات الدَّهر من حيث لا أرى ... فكيف بمن يرمي، وليس يرامي
فلو أنَّها نبل، إذن لاتَّقيتها ... ولكنّني أرمي بغير سهام
إذا ما رآني النَّاس قالوا ألم يكن؟ ... جليدا شديد البطش غير كهام
فنيت ولم تفن من الدَّهر ليلة ... ولم يغن ما أفنيت سلك نظام
على الرَّاحتين مرَّة وعلى العصا ... أنوءُ ثلاثا بعدهنَّ قيامي
فقلت: يا أمير المؤمنين، ولكنك كما قال لبيد بن ربيعة أخو بني جعفر بن كلاب.
قال: وما قال؟ قلت: قال:
نفسي تشكَّي إليَّ الموت مجهشة ... وقد حملتك سبعا بعد سبعينا
فإن تزادي ثلاثا تحدثي أملا ... وفي الثَّلاث وفاء للثَّمانينا
فعاش والله يا أمير المؤمنين حتى بلغ تسعين حجة، فقال:
كأنِّي وقد جاوزت تسعين حجَّة ... خلعت بها عن منكبيَّ ردائيا
فعاش حتى بلغ عشرا ومائة سنة، فقال في ذلك:
أليس في مائة قد عاشها رجل ... وفي تكامل عشر بعدها عمر
فعاش والله يا أمير المؤمنين حتى بلغ عشرين ومائة، فقال في ذلك.
وغنيت سبتا بعد مجرى داحس ... لو كان للنَّفس اللجوج خلود
فعاش حتى بلغ أربعين ومائة، فقال في ذلك:
ولقد سئمت من الحياة وطولها ... وسؤال هذا النَّاس كيف لبيد
فقال عبد الملك، والله، ما بي بأس، اقعد حدّثني ما بينك وبين الليل.
فقعدت، فحدّثته حتى أمسيت، ثم فارقته؛ فمات في ليلته.
قال أبو حاتم، وعاش النَّمر بن تولب بن أقيش العكليّ مائتي سنة حتى أنكر بعض عقله.
فقال ذلك:
1 / 25