بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
تفسير أسماء شعراء الحماسة
وينبغي أن تعلم أن في ذلك علمًا كثيرًا وتدربًا نافعًا وستراه بإذن الله. يجب أن يقدم أمام ذلك ذكر أحوال هذه الأسماء الإعلام وكيف طريقها وعلى كم وجهًا تجدها وإلى كم ضربًا قسمتها.
فأصل انقسامها ضربان أحدهما ما كان منقولًا والآخر ما كان مرتجلًا من غير نقل.
الأول من هذين الضربين وهو ما كان منقولًا ثلاثة أنواع اسم نكرة فعل صوت.
1 / 45
شرح الاسم الأسماء المنقولة إلى العلمية ضربان عين معنى والعين أيضًا ضربان اسم غير صفة واسم صفة. الأول منها نحو أوس ومجر وبكر وجمل. والأوس هنا الذئب وإن كان قد يمكن أن يكون العطية من قولهم أست الرجل أؤسه أوسًا إذا أعطيته. الثاني من هذه القسمة هو الاسم الصفة وذلك نحو مالك وجابر وحاتم وفاطمة ونائلة فهذه في الأصل أوصاف ثم نقلت فصارت أعلامًا كما صار أوس وحجر وبكر وجمل ونحو ذلك أعلامًا. وهذه الصفة المنقولة ضربان أحدهما ما نقل وفيه اللام فأقرت بعد النقل عليه وذلك نحو الحارث والعباس والآخر ما نقل ولا لام فيه نحو سعيد ومكرم وما فيه اللام بعد النقل ببقايا أحكام الصفة أحرى.
وأما المعنى فنحو قولهم أوس وأنت تعني به العطية وزيد وعمرو وأنت تعني العمر الذي هو الحياة والزيد مصدر زاد يزيد زيدًا وزيادًا وزيادة فإن قلت فقد قال:
1 / 46
وأنتم معشر زيد على مئة فوصف به قيل هذا على حد ما يوصف بالمصدر في نحو قولك هذا رجل صوم وفطر وعدل قال زهير:
متى يشتجر قوم يقل سرواتهم ... هم بيننا فهم رضًا وهم عدل
نعم وربما أوغل المصدر في الوصف وتمكن هناك فأنث لتأنيث ما أجري عله كالحكاية عن أبي حاتم من قولهم فرس طوعة القياد وقال أمية:
والحية الحتفة الرقشاء أخرجها ... من بيتها آمنات الله والكلم
وقالوا امرأة عدلة كما نرى.
شرح الفعل قد نقلت الأفعال الثلاثة الماضي والحاضر والمستقبل. من ذلك الماضي وهو تسميتهم الرجل بكعسب وهو الماضي من الكعسبة ومثله ترجم وهو
1 / 47
منقول من ترجم عن الشيء إذا فسره فأما قبيلة أبي الأسود الدؤلي فقيل فيها قولان أحدهما أن الدؤل اسم دويبة وأنشدوا في ذلك:
جاؤوا بحبس لو قيس معرسه ... ما كان إلا كمعرس الدؤل
والآخر أن دئل منقول وهو فعل من دأل يدأل قال: مرت بأعلى سحرين تدأل فهذا على قولك قد دئل في هذا المكان كقولك قد غدي فيه وقد سير فيه فإن كان من الأول فهو من باب ذئب وأسد وإن كان من الثاني فهو من باب يزيد ويشكر ومما سمي به من الماضي خضم بن عمرو بن تميم قال:
1 / 48
لولا الآلة ما سكنا خضمًا ... ولا ظللنا بالمشائي قيما
أي بلاد خضم يعني بلاد بني تميم ومثله عثر اسم موضع قال زهير:
ليث بعثر يصطاد الرجال إذا ... ما الليث كذب عن أقرانه صدقا
وكذلك بذر. ومن أبيات الكتاب:
سقى الله أمواهًا عرفت مكانها ... جرابًا وملكومًا وبذر والغمرا
وذلك كثير.
وأما الحاضر فنحو يشكر وتغلب ويزيد ويعفر وأما يبرين فليس من هذا ولا ينبغي أن يتوهم أنه اسم منقول من قولك هن يبرين لفلان أي يعارضنه من قوله:
1 / 49
يبري لها من أيمن وأشمل يدل على أنه ليس منقولًا منه قولهم فيه يبرون وليس شيء من الفعل يكون هكذا فإن قلت ما أنكرت أن يكون يبرين ويبرون فعلًا فيه لغتان الياء والواو مثل نقوت ونقيته وسروت الثوب وسريته وكنوت الرجل وكنيته ونقيت الشيء ونقوته فيكون يبرين على هذا كيكنين ويبرون كيكنون ومثله يفعلن كقولك هن يدعون ويغزون في التنزيل ألا أن يعفون فالجواب أنه لو كان الواو والياء فيه لامين على ما ذكرته من اختلاف اللغتين لجاز أن يجيء عنهم يبرون بضم النون وبالواو كما أنه إذا سميته بقولك للنساء يغزون على قول من قال أكلوني البراغيث فجعل النون علامة جمع لقلت هذا يغزون كقولك في يقتلن اسم رجل على الوصف الذي ذكرنا هذا يقتلن وفي امتناع العرب أن تقول يبرون مع قولهم يبرين دلالة على أنه ليس على ما ظنه السائل من كون الواو والياء في يبرين ويبرون لامين مختلفين بل هما زائدتان قبل النون بمنزلة واو فلسطون وياء فلسطين وأيضًا فقد قالوا يبرين
1 / 50
وأبرين وأبدلوا الياء همزة فدل على أنها هنا أصل ألا تدري أنها لو كانت في أول فعل لكانت حرف مضارعة لا غير ولم نر حرف مضارعة أبدل مكانه حرف مضارعة غيره فدل هذا كله على أن الياء في أول يبرين فاء لا محالة وأما قولهم بأهلة بن أعصر ثم أبدلوا من الهمزة الياء فقالوا يعصر فغير داخل فيما نحن عليه وذلك أن أعصر ليس فعلًا وإنما هو جمع عصر وإنما سمي بذلك لقوله:
أعمير أن أباك غير لونه ... كر الليالي واختلاف الأعصر
هذا وجه الاحتجاج على قائل إن ذهب إلى أن ذلك في يبرين وليس ينبغي أن يحتج عليه بأن يقال له لا يكونان لغتين ويبرون ويبرين كيكنون ويكنين لأنه لا يقال بروت له في معنى بريت له أي تعرضت له لأن له أن يحتج فيقول هبه ليس من بريت له أي تعرضت فلعله من بريت القلم وبروته حكى أبو زيد بروت القلم بالواو عن أبي الصقر فإن هو قال هذا فجوابه ما
1 / 51
قدمنا فهذا شيء عرض فقلنا فيه بما وجب.
وأما الفعل المستقبل المنقول إلى العلم فنحو قولهم في اسم الفلاة اصمت وإنما هو أمر من قولهم صمت يصمت إذا سكت كأن إنسانًا قال لصاحبه في مفازة أصمت يسكته بذلك تسمعًا لنبأة أو جسها فسمي المكان بذلك وهذا نحو ما ذهب إليه أبو عمرو بن العلاء في قول الهذلي:
علي أطرقا باليات الخيام ... إلا التمام وإلا العصي
ألا تراه قال أصله أن رجلًا قال لصاحبيه هناك أطرقًا فسمي المكان به فصار علمًا له كما صار أصمت علمًا له وقطع الهمزة من أصمت مع التسمية به خاليًا من ضميره هو الذي شجع النحاة على قطع نحو هذه الهمزات إذا سمي بما هي فيه فإن قلت فقد قالوا لقيته بوحش اصمته ولو كان
1 / 52
أصمت في الأصل فعلًا لما لحقته تاء التأنيث قيل إنما ألحقت هذه التاء في هذا المثال على هذا الحد ليزيدوا في إيضاح ما انتحوه من النقل ويعلموا بذلك أنه قد فارق موضعه من الفعلية حيث كانت هذه التاء لا تلحق هذا المثال فعلًا فصارت اصمته في اللفظ بعد النقل كأجربة وأبردة وأجردة نعم وأنسهم بذلك تأنيث المسمى به وهو الفلاة وزاد في ذلك أن اصمت ضارع الصفة لأنه من لفظ الفعل وفيه معناه أعني معنى الصمت وهو جثة لا حدث وتلك حال قائمة وكريمة ونحو ذلك ألا تراها من لفظ الفعل ومعناه وهي جثه فضارعت اصمته قائمةً ومحسنةً ونحو ذلك نعم ولو لم يكن في هذا أكثر من اطراد التغيير في الإعلام لكان كافيًا فجعلوا هذا التغيير تابعًا لما اعتزموه من العلمية فيه وأيضًا فقد قالوا في الخرز المؤخذ به الينجلب وواحدته الينجلبة وينجلب ينفعل وهذا مثال مختص بالفعل ألا تراه إنما يؤخذ به ليجلب به الإنسان لأمر ما فإذا جازان تلحق التاء الينجلب وهو غير علم ويبقى على صورة نقليته فأصمت الذي قد تغير لفظه بقطع همزته ومعناه بكونه علمًا أقبل للتغيير
1 / 53
وقد قالوا أيضًا اليعملة وهذا مثال مختص بالفعل وقد قالوا أرقلة وأربعة وأشكلة فألحقوه التاء وهو للفعل.
شرح الصوت قد نقل الصوت إلى العلم كما نقل القبيلان اللذان قبله من ذلك تسمية بعض بني هاشم ببة وإنما هذا هو الصوت الذي كانت أمه ترقصه وهو صبي به وذلك قولها له:
لأنكحن ببه. جارية خدبة ... مكرمة محبة. تجب أهل الكعبة
انتهت الأعلام المنقولة وتتلوها الأعلام المرتجلة عند التسمية.
ذكر الأعلام المرتجلة عند التسمية بها
ولم تنقل إليها عن غيرها
إعلم أن هذه الأعلام ضربان أحدهما ما القياس قابل له وليس فيه خروج عنه والآخر ما كان القياس
1 / 54
دافعًا له غير أن العملية هي التي سوغته فيه.
الأول من هذين الضربين نحو حمدان وعمران وغطفان فهذا وإن لم يكن موجودًا في الأجناس فإن الصنعة فيه تتلقى بالقبول له لأمرين أحدهما أن له نظيرًا في الكلام فحمدان في العلم بمنزلة سعدان اسم نبت وصفوان للحجر الأملس وعمران كسرحان وهو الذئب وحرمان وعصيان مصدرين وغطفان كشقذان وهو الخفيف والرتكان والنفيان مصدرين فهذا وجه وجود النظير.
وأما تقبل القياس له فلأنه ليس فيه شيء مما يمجه القياس من اظهار تضعيف يجب ادغامه نحو ثهلل ومحبب ولا تصحيح معتل نحو حيوة ومكوزة ولا غير ذلك مما يكره وسترى ذلك بإذن الله.
ومن المرتجل ما كان معدولًا نحو عمر وزفر وقثم وثعل وجشم وزحل فهذه أعلام مرتجلة معدولة عن عامر وزافر وقاثم وثاعل وجاشم وزاحل وهي أعلام يدل على عدلها أنك لا تجدها في الأجناس فتقول الجشم والزحل كما تقول الصرد والنغر فكل علم معدول مرتجل وليس كل مرتجل معدولًا نحو عمران وقحطان.
الضرب الثاني من الأعلام المرتجلة وهو ما القياس دافع له وهو أصناف
1 / 55
فمن ذلك ما ظهر تضعيفه والقياس لولا العلمية مانع منه نحو ثهلل وهو تفعل يدلك على ذلك أنا لا نعرف أصلًا في الكلام تركيبه من ث هـ ل فيكون ثهلل فعللًا منه كقردد وأيضًا فلو كان تهلل فعللًا لوجب صرفه كرجل سميته بقردد فترك صرفهم له مذكرًا دلالة على أنه تفعل من لفظ هـ ل ل فهو قريب من تسميتهم إياه هلالًا لفظًا ومعنى ومنه محبب كان قياسه محب لأنه مفعل من المحبة ألا ترى أنه ليس في الكلام تركيب م ح ب فيكون فعللًا فكذلك كان يجب أن يكون ثهلل ثهل كتضن وتصب كما كان يجب أن يكون محبب محبًا كمفر ومرد ومنه قولهم في اسم المكان بأجج ويؤكد عندك أنه يفعل شيآن أحدهما ترك صرفه كترك صرف ثهلل ويأجج اسم موضع وأيضًا فإنهم قد قالوا فيه يأجج بكسر العين وليس في الكلام فعلل اسمًا وأيضًا فلأن تركيب يء ج ليس معروفًا في الكلام ومن ذلك ما صحح وكان قياسه الأعلال نحو مزيد ومكوزة وقياسهما مزاد ومكازة
1 / 56
كمسار من السير ومقامه ومنه مريم ومدين وقياسهما مرام ومدان فإن قلت فإن هذين اسمان أعجميان وليسا عربيين فمن أين أوجبت فهما ما هو للعربي قيل هذا موضع يتساوى فيه القبيلان جميعًا ألا ترى أنهم حملوا موسى على أنه مفعل حملًا على العربي كما حملوا الموسى الحديد على ذلك فلم يخالفوا بينهما وحكموا أيضًا في نحو إبراهيم وإسماعيل أن همزتيهما أصلان حملًا على أحكام العرب من حيث كانت الزيادة لا تلحق أوائل بنات الأربعة إلا في الأسماء الجارية على أفعالها نحو مدحرج ومسرهف ولم يفصلوا بين القبيلين بل تلاقيا فيه عندهم وكذلك حكموا أيضًا بزيادة الألف والياء في إبراهيم وإسماعيل حملًا على أحكام العربي من حيث كان هذا عملًا في الأصول لكنهم إنما يفرقون بينهما في تجويزهم الاشتقاق من العربي ومنعهم إياهم في الأعجمي المعرفة ويفصلون أيضًا بين العربي والعجمي في الصرف وتركه نعم ويعتدون أيضًا بالعجمة مع العلمية خاصة فأما الأصول من الحروف والصحة والاعلال فإنهم لا يفرقون بينهما ألا تراهم إذا خالف لفظ الحرف الأعجمي الحروف العربية جذبوه إلى أقرب الحروف من حروفهم التي تليه وتقرب من مخرجه فلذلك قالوا في أأشوب أأشوف وقالوا في روز
1 / 57
روز وقالوا في فرند السيف تارة فرند وأخرى برند وقالوا في كربز تارة قربز وأخرى جربز وقالوا في كفنجلاز قفنشليل فغيروا المثال والحروف. وهذا باب فيه طول وفيما ذكرناه منه كاف من غيره ومنه حيوة وأصله حية فأبدلت اللام واوًا فصارت حيوة وهذا ضد ما يوجبه القياس وذلك أن عرف هذا النحو وعادته أنه إذا اجتمعت الواو والياء وسكنت الأولى منهما قلبت الواو ياءً نحو لويت لية وطويت طيًا ونحو سيد وهين فأما أن تجتمع الياآن فتقلب الياء واوًا فهذا ضد القياس في هذا الباب وإنما احتمل ذلك وارتجل لمكان العلمية ومن ذلك أيضًا قولهم في اسم الرجل موهب وفي اسم المكان موظب
1 / 58
وهذا شاذ وذلك إن ما فاؤه واو لا تبني العرب منه مفعلًا بفتح العين إنما ذلك بكسرها البتة نحو موضع وموقع ومورد وموجدة وموعدة وجاء موظب وموهب على الشذوذ وكذلك مورق حملوه على أنه من ورق لا من م ر ق وربما شذ الشيء من هذا في النكرة وقالوا موضع وقالوا موقعة الطائر وقالوا أكل الرطب موردة أي محمة ومثله في النكرة قالوا الفكاهة مقودة إلى الأذى وقرىء " لمثوبة من عند الله " وقالوا فيها أيضًا عوى الكلب عوة وعوية وهذا ونحوه في النكرات أقبح منه في المعارف. ومن ذلك قولهم معدي كرب وذلك أنهم بنوا مما لامه حرف علة مفعلًا بكسر العين وذلك شاذ وإنما المعتاد منه مفعل بفتحها نحو المشتى والمدعى والمغزى والمرمي والمقضي فمعدي على هذ شاذ كما ترى وبعد فمتى رأيت في الأعلام شيئًا مخالفًا لما عليه أمثاله فلا تنب عنه فيها نبوك عنها في غيرها وأوله طرفًا من نظرك ولا تخفن إلى رده والطعن فيه دون أن تراجعه وتليه عليه فإذا صحت روايته أنست به فوق أنسك لو كان نكرة فهذا منهاج هذا.
1 / 59
فإن قيل ولو كان احتمال ذلك في العلم أسهل من احتماله في الجنس قيل أن العلم لما كثر استعماله لحقه التغيير في موضعين أحدهما نفسه والآخر إعرابه أما تغيير نفسه فما قدمناه آنفًا من مجيئه مخالفًا للباب نحو معدي كرب وثهلل ومورق وحيوة ومريم ومكوزة وأما تغيير إعرابه فوجود الحكاية فيه نحو قولك في جواب من قال رأيت زيدًا من زيدًا وفي قول من قال مررت بعمرو من عمرو وهذا التغيير باب مختص بالأعلام أعني الحكاية في الأعراب وسبب جواز ذلك فيه كثرة الاستعمال له وما يكثر استعماله مغير عما يقل استعماله وإنما غير لأمرين أحدهما المعرفة بموضعه والآخر الميل إلى تخفيفه ألا ترى إلى قولهم لم يك ولا أدر ولا تبل وهذا واضح.
واعلم أن معاني الأعلام تنقسم إلى ضربين أحدهما عين وهو الأكثر والآخر معنى وهو الأقل. فأما العين فنحو زيد وجعفر وعاتكة وهند وزينب واعود وسبل والغراب والوجيه ولاحق
1 / 60
وشدقم وجديل ومصر وحلب ومكة وفيد وخضارة والمهرقان وسجا.
وأما المعنى فنحو قولهم سبحان في قوله:
أقول لما جاءني فخره ... سبحان من علقمة الفاخر
فسبحان عندنا علم علق على معنى التسبيح وكذلك قولهم في ما حكاه أبو زيد من قولهم ما ألقاه إلا فينة أي في الندرى فهذه علم لهذا المعنى
1 / 61
وغدوة كذلك عندنا هي علم على معنى غداة غيران غداة نكرة وغدوة معرفة ومعناهما على اختلاف حاليهما في التعريف والتنكير واحد كما أن أسدًا وأسامة وثعلبًا وثعالة وبحرًا وخضارة وإن اختلفا في التعريف والتنكير فإن فائدة كل واحد منهما أنه واحد من جنسه ألا ترى أنك إذا قلت خرجت فإذا أسد وخرجت فإذا أسامة فالمعنى واحد وكذلك قولك مررت بأبي الحصين كقولك بثعلب وكان أبو علي ﵀ يذب إلى أن تعريف غدوة تعريف لفظي وإن فائدتها كفائدة غداة لا فرق. ومن الأعلام المعلقة على المعاني ما قال الشاعر:
وإن قال غاو من تنوخ قصيدة ... بها جرب عدت عليه بزوبرا
فسألته عن ترك صرف زوبر فقال جعلها علمًا لما تضمنته القصيدة من المعنى ومن ذلك ما حكاه أبو زيد من قولهم هذا غير أبعد قال أبو علي أبعد هنا علم على هذا المعنى وإنما يراد به بعده في النفس وأنشد سيبويه:
1 / 62
إنا اقتسمنا خطتينا بيننا ... فحملت برة واحتملت فجار
وقال فيها هناك إنها معدولة عن الفجرة باللام كما ترى وهذا عندنا تفسير على المعنى لا على تحقيق حال الإعراب والتقدير وذلك إن فجار معدولة عندنا عن فجرة علمًا يدل على ذلك إنه قرنها بقوله برة فكما أن برة علم لا حالة فكذلك ما عدل عنه فجار وهو في التقدير فجرة ولو عدل عن برة هذه لكان قياسه برار وكما لا يشك أن قطام وحذام معدولتان عن قاطمة وحاذمة وهما علمان وكذلك فجار معدولة عن فجرة وهذا تلخيص أصحابنا آخرهم أبو علي وكذلك ما هذه حاله وقليل ما هو.
ومن الأعلام على المعاني المثل الموزون بها نحو قولك فعلان لا ينصرف معرفة وأفعل إذا كان مؤنثه فعلاء لم ينصرف ووزن طلحة فعلة ووزن أصبع أفعل فعلاء ونحوها أعلام باشارتك فيها إلى المعنى
1 / 63
وكذلك أسماء الأعداد فتقول ستة ضعف ثلاثة وأربعة نصف ثمانية وستة ثلاثة أخماس عشرة ولا تصرفها لأنها أعلام لهذا القدر من العدد وهي مؤنثة فإن قيل فلم قل هذا الضرب وكثر العلم المعلق على العين نحو سعد وجعفر وسعاد وزينب قيل أن الأعلام إنما الغرض فيها التعريف والأعيان أقعد في التعريف من المعاني وذلك أن الأعيان يتناولها حسن العيان لظهورها له وليس كذلك المعاني لما يعرض من اللبس فيها والحاجة إلى تعب الاستدلال عليها وأنت ترى فرق ما بين علم الضرورة المشاهدة وبين علم الاستدلال بالمراجعة فلذلك كثر تعليق الأعلام على الأعيان وقل تعليقها على المعاني وهذا واضح.
انقضى العلم المفرد.
وأما المضاف فضربان اسم غير كنية نحو ذي النون وعبد الله وسعيد كرز وقيس قفة وابن آوى وابن قترة واسم كنية نحو أبي زيد وأبي جعفر وأبي جخادب وأبي براقش وأم العلا وأم وهب وأم جبين وأم القردان.
1 / 64