229

Al-Mubdiʿ fī sharḥ al-Muqniʿ

المبدع في شرح المقنع

Editor

محمد حسن محمد حسن إسماعيل الشافعي

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition

الأولى

Publication Year

1417 AH

Publisher Location

بيروت

دُونُ، اغْتَسَلَتْ عِنْدَ انْقِطَاعِهِ وَتَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثًا، فَإِنْ كَانَ فِي الثَّلَاثِ عَلَى قَدْرٍ وَاحِدٍ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِأَنَّ دَمَ الْحَيْضِ جِبِلَّةٌ وَعَادَةٌ، وَدَمَ الِاسْتِحَاضَةِ لِعَارِضٍ مِنْ مَرَضٍ، وَنَحْوِهِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ (يَوْمًا وَلَيْلَةً) نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ ابْنَيْهِ، وَالْمَرُّوذِيِّ، لِأَنَّ الْعِبَادَةَ، وَاجِبَةٌ فِي ذِمَّتِهَا بِيَقِينٍ، وَمَا زَادَ عَلَى أَقَلِّ الْحَيْضِ مَشْكُوكٌ فِيهِ فَلَا نُسْقِطُهَا بِالشَّكِّ، وَلَوْ لَمْ نُجْلِسْهَا الْأَقَلَّ، لَأَدَّى إِلَى عَدَمِ جُلُوسِهَا أَصْلًا، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ إِذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، لَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ، لِأَنَّهُ دَمُ فَسَادٍ إِلَّا إِذَا قُلْنَا: أَقَلُّهُ يَوْمٌ، قَالَ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ: إِنَّ الْمُبْتَدَأَةَ لَا تَجْلِسُ فَوْقَ الْأَقَلِّ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنَّمَا مَوْضِعُ ذَلِكَ إِذَا اتَّصَلَ الدَّمُ، وَحَصَلَتْ مُسْتَحَاضَةً فِي الشَّهْرِ الرَّابِعِ (ثُمَّ تَغْتَسِلُ) لِأَنَّهُ آخِرُ حَيْضِهَا حُكْمًا، أَشْبَهَ آخِرَهُ حِسًّا (وَتُصَلِّي) لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْهَا هُوَ الْحَيْضُ، وَقَدْ حُكِمَ بِانْقِطَاعِهِ، وَعَدَمَ الْغُسْلِ، وَقَدْ وُجِدَ حَقِيقَةً. وَلَا يَحِلُّ وَطْؤُهَا حَتَّى يَنْقَطِعَ أَوْ يُجَاوِزَ أَكْثَرَ الْحَيْضِ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ حَيْضٌ، وَإِنَّمَا أَمَرْنَاهَا بِالْعِبَادَةِ احْتِيَاطًا لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهَا، فَتَعَيَّنَ تَرْكُ وَطْئِهَا احْتِيَاطًا، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ، وَقِيلَ: يُبَاحُ مَعَ خَوْفِ الْعَنَتِ، فَإِنِ انْقَطَعَ وَاغْتَسَلَتْ أُبِيحَ، لِأَنَّهَا رَأَتِ النَّقَاءَ الْخَالِصَ، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ لِاحْتِمَالِ عَوْدِهِ كَالنُّفَسَاءِ، وَعَنْهُ: إِنْ أُمِنَ الْعَنَتُ، وَإِنْ عَادَ بَعْدَ الِانْقِطَاعِ حُرِّمَ الْوَطْءُ إِلَى أَكْثَرِ الْحَيْضِ.
(فَإِنِ انْقَطَعَ دَمُهَا لِأَكْثَرَ فَمَا دُونُ) هُوَ بِضَمِّ النُّونِ لِقَطْعِهِ عَنِ الْإِضَافَةِ (اغْتَسَلَتْ عِنْدَ انْقِطَاعِهِ) لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ آخِرَ حَيْضِهَا، فَلَا تَكُونُ طَاهِرَةً بِيَقِينٍ إِلَّا بِالْغُسْلِ (وَتَفْعَلُ ذَلِكَ) أَيْ: مِثْلَ جُلُوسِهَا يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَغُسْلِهَا عِنْدَ آخِرِهِمَا، وَعِنْدَ الِانْقِطَاعِ (ثَلَاثًا) لِأَنَّ الْعَادَةَ لَا تَثْبُتُ إِلَّا بِهَا فِي الْمَشْهُورِ مِنَ الْمَذْهَبِ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: «دَعِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِكِ» هِيَ صِيغَةُ جَمْعٍ، وَأَقَلُّهُ ثَلَاثٌ، وَلِأَنَّ مَا اعْتُبِرَ لَهُ التَّكْرَارُ اعْتُبِرَ فِيهِ الثَّلَاثُ، كَالْأَقْرَاءِ فِي عِدَّةِ الْحُرَّةِ وَالشُّهُورِ، وَخِيَارِ الْمُصَرَّاةِ، وَمُهْلَةِ الْمُرْتَدِّ، فَعَلَى هَذَا تَجْلِسُ فِي الشَّهْرِ الرَّابِعِ، وَقَالَ الْقَاضِي: فِي الثَّالِثِ.

1 / 241