فَقَالَ الْحَسَنُ: «وَلَقَدْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ يَقُولُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﵌ عَلَى الْمِنْبَرِ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ يُقْبِلُ عَلَى النَّاسِ مَرَّةً وَعَلَيْهِ أُخْرَى وَيَقُولُ: «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَلَعَلَّ اللهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ». (رواه البخاري في كتاب الصلح من صحيحه).
وفي رواية أخرى للبخاري عن الْحَسَنُ قَالَ: «لَمَّا سَارَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ﵄ إِلَى مُعَاوِيَةَ بِالْكَتَائِبِ قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لِمُعَاوِيَةَ: «أَرَى كَتِيبَةً لَا تُوَلِّي حَتَّى تُدْبِرَ أُخْرَاهَا».
قَالَ مُعَاوِيَةُ: «مَنْ لِذَرَارِيِّ الْمُسْلِمِينَ»، فَقَالَ: «أَنَا».
فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَامِرٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ: «نَلْقَاهُ فَنَقُولُ لَهُ الصُّلْحَ».
قَالَ الْحَسَنُ وَلَقَدْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ قَالَ: «بَيْنَا النَّبِيُّ ﵌ يَخْطُبُ جَاءَ الْحَسَنُ فَقَالَ النَّبِيُّ ﵌: «ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَلَعَلَّ اللهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ». (رواه البخاري في كتاب الفتن من صحيحه).
قال الحافظ ابن حجر: «(الْحَسَن) يَعْنِي الْبَصْرِيّ.
وَالْكَتَائِب جَمْع كَتِيبَة وَهِيَ طَائِفَة مِنْ الْجَيْش تَجْتَمِع.
(أَمْثَال الْجِبَال) أَيْ لَا يُرَى لَهَا طَرَف لِكَثْرَتِهَا كَمَا لَا يَرَى مَنْ قَابَلَ الْجَبَل طَرَفه، وَيَحْتَمِل أَنْ يُرِيد شِدَّة الْبَأْس.
وَأَشَارَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ بِهَذِهِ الْقِصَّة إِلَى مَا اِتَّفَقَ بَعْدَ قَتْل عَلِيّ ﵁، وَكَانَ عَلِيّ لَمَّا اِنْقَضَى أَمْر التَّحْكِيم وَرَجَعَ إِلَى الْكُوفَة تَجَهَّزَ لِقِتَالِ أَهْل الشَّام مَرَّة بَعْدَ أُخْرَى فَشَغَلَهُ أَمْر الْخَوَارِج بِالنَّهْرَوَانِ وَذَلِكَ فِي سَنَة ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ، ثُمَّ تَجَهَّزَ فِي سَنَة تِسْع وَثَلَاثِينَ فَلَمْ يَتَهَيَّأ ذَلِكَ لِافْتِرَاقِ آرَاء أَهْل الْعِرَاق عَلَيْهِ، ثُمَّ وَقَعَ الْجِدّ مِنْهُ فِي ذَلِكَ فِي سَنَة أَرْبَعِينَ.
فَأَخْرَجَ إِسْحَاق مِنْ طَرِيق عَبْد الْعَزِيز بْن سِيَاهٍ قَالَ: لَمَّا خَرَجَ الْخَوَارِج قَامَ عَلِيّ فَقَالَ: «أَتَسِيرُونَ إِلَى الشَّام أَوْ تَرْجِعُونَ إِلَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ خَلَفُوكُمْ فِي دِيَاركُمْ؟».
قَالُوا: «بَلْ نَرْجِع إِلَيْهِمْ»، فَذَكَرَ قِصَّة الْخَوَارِج.