151

Al-naẓariyyāt al-ʿilmiyya al-ḥadītha masīratuha al-fikriyya wa-uslūb al-fikr al-taghrībī al-ʿarabī fī al-taʿāmul maʿahā dirāsa naqdiyya

النظريات العلمية الحديثة مسيرتها الفكرية وأسلوب الفكر التغريبي العربي في التعامل معها دراسة نقدية

Publisher

مركز التأصيل للدراسات والبحوث

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م

Publisher Location

جدة - المملكة العربية السعودية

Genres

تحديد معنى العلم الصحيح أولًا، فجعله القائم على "التجربة والملاحظة"، وغايته "تمكين الإنسان من السيطرة على الطبيعة" للاستفادة مما فيها. وأما المنهج المناسب فهو الاستقراء الناقص في مقابل الاستقراء الكامل الأرسطي (١). وذكر أنه بهذه الطريقة يمكن أن يحدث تقدمًا في العلم مثل ذلك الذي حدث في الاكتشافات الجغرافية المهمة، أو في المخترعات الجديدة مثل فن الطباعة والبارود، والاكتشافات العظيمة في علم الفلك بفضل كوبرنيكوس وجاليليو (٢). ونبه إلى عائق أمام التقدم نحو العلم الجديد، وهو ما أسماه بالأصنام الأربعة المسيطرة على عقول المفكرين والناس وهي: أصنام القبيلة والكهف والسوق والمسرح، التي لابد من تحطيمها لنتقدم بالعلم.
فالصنم الأول ناشئ من طبيعة الإنسان، فهي مشتركة بين جميع أفراده، مثل التعميم لبعض الحالات دون النظر لحالات معارضة، وعدم الانتباه إلى التشابه وحدوده.
وأما أصنام الكهف فينتقل فيها من الأوهام التي يشترك فيها كل البشر إلى الأوهام التي يتميز كل فرد، فإن لكل فرد طبيعة بسبب التربية والبيئة، فتجد مثلًا بعض الناس يكشف الفروق وآخر يلاحظ التشابه، وتجد شخصًا يميل للتنقيب عن العيوب وآخر لا يرى إلا المحاسن وهكذا.
وأما أصنام السوق فهي مخصوصة بالألفاظ حيث يتخيل بعض الناس أن لتلك الألفاظ حقائق كالمصطلحات الفلسفية مثلًا، ويحدث بسببها مناقشات كثيرة، ثم إذا هي تدور فقط حول ألفاظ دون معنى.
وأما الرابع فأصنام المسرح وخصها بالنظريات والمذاهب المتوارثة، فكأنها مسرحيات يتم عرضها ويصدقها الناس، وهي أوسع من الثالثة؛ لأن تلك ألفاظ وهذه مذاهب (٣)، ولن نتقدم في مجال العلم والفكر ما لم نتخلص من هذه الأصنام.

(١) انظر: موسوعة الفلسفة، السابق ١/ ٣٩٤.
(٢) انظر: المرجع السابق، ونفس الصفحة.
(٣) كثير من الكتب التي تحدثت عن "بيكون" وقفت مع هذه الأصنام المنهجية التي دعا بيكون إلى التخلص منها. انظر مثلًا: تاريخ الفلسفة الحديثة، كرم ص ٤٧ - ٤٨، وموسوعة الفلسفة، بدوي ١/ ٣٩٥ - ٣٩٦، وانظر: فرنسيس بيكون -آراؤه وآثاره، د. محسن جهانكيري ص ١٣٦ - ١٤٧.

1 / 156