فتركوا هذا الحد ونقلوا (١) إلى حد آخر، وهو قولهم (٢): الحسن والعدل والحكمة ما لفاعله فعله، والقبيح (٣) والظلم والسفه ما ليس لفاعله فعله. فيقال لهم:
- بم عرفتم أن لفاعله فعل هذا النوع دون النوع الآخر (٤): أبالعقل عرفتم ذلك أم (٥) بالشرع؟ إن قلتم: بالعقل، فقد تركتم مذهبكم في أن العقل لا يعرف به (٦) الحسن والقبح والعدل (٧) والظلم. وإن قلتم: بالشرع فقد عدتم إلى الحد الأول وقد أبطلناه (٨).
- ثم هو باطل بفعل البالغ العاقل الذي لم يبلغه الشرع - فما قولكم: هل له أن يؤمن أم لا؟ فإن قلتم: لا، فهو قبيح شنيع. وإن قلتم: له أن يؤمن، فقد فعل ما له فعله، وفعله لا يوصف بالحسن عندكم، فيبطل هذا الحد في جانب الحسن.
- ثم نقول لهم (٩): هل له أن يكفر؟ فإن قلتم: نعم، فهذا كفر. وإن قلتم: ليس (١٠) له أن يفعله، فقد وجد حد فعل (١١) القبيح، وفعله لا يوصف (١٢) بالقبح عندكم.