159

al-ikhtilāṭ bayna al-rijāl wa al-nisāʾ

الاختلاط بين الرجال والنساء

Publisher

دار اليسر

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م

Genres

قَالَ: «لَا أَخَاف شَيْئًا سِوَى أَنِّي أَعْلَم أَنَّهَا اِمْرَأَة غَيُور حَمْقَاء فَلَعَلَّ بَعْض النَّاس حَاوَلَ العَبَث بِهَا فِي طَرِيقهَا فشرسَتْ عَلَيْهِ فَوَقَعَتْ بَيْنهمَا وَاقِعَة انْتَهِي أَمْرهَا إِلَى مَخْفَر الشُّرْطَة».
وَكُنَّا قَدْ وَصَلْنَا إِلَى المَخْفَر فَاقْتَادَنَا الجُنْدِيّ إِلَى قَاعَة المَأْمُور فَوَقَفْنَا بَيْن يَدَيْهِ، فَأَشَارَ إِلَى جُنْدِيّ أَمَامه إِشَارَة لَمْ نَفْهَمْهَا ثُمَّ استَدْنَي الفَتَى إِلَيْهِ وَقَالَ له: «يَسُوءنِي أَنْ أَقُول لَك - سَيِّدِي - إِنَّ رِجَال الشُّرْطَة قَدْ عَثَرُوا اللَّيْلَة فِي مَكَان مِنْ أَمْكِنَة الرِّيبَة برَجُل وَاِمْرَأَة فِي حال غَيْر صَالِحَة، فَاقْتَادُوهُمَا إِلَى المَخْفَر فَزَعَمَتْ الْمَرْأَة أَنَّ لَهَا بِك صِلَة؛ فَدَعَوْنَاك لِتَكشف لَنَا الحَقِيقَة فِي أَمْرهَا فَإِنْ كَانَتْ صَادِقَة أذِنَّا لَهَا بِالِانْصِرَافِ مَعَك إِكْرَامًا لَكَ وَإِبْقَاءً عَلَى شَرَفك، وَإِلَّا فَهِيَ امْرَأَة عَاهِرَة لَا نَجَاة لَهَا مِنْ عِقَاب الفَاجِرَات وَهَا هُمَا وَرَاءَك فانظرهما».
وَكَانَ الجُنْدِيّ قَدْ جَاءَ بِهِمَا مِنْ غُرْفَة أُخْرَى فَالْتَفَتَ وَرَاءَهُ فَإِذَا المَرْأَة زَوْجَته وَإِذَا الرَّجُلُ أَحَدَ أَصْدِقَائِهِ؛ فَصَرَخَ صَرْخَة رَجَفَتْ لَهَا جَوَانِب المَخْفَر وَمَلَأَتْ نَوَافِذه وَأَبْوَابه عُيُونًا وَآذَانًا ثُمَّ سَقَطَ فِي مَكَانه مَغْشِيًّا عَلَيْهِ؛ فَأَشَرْتُ عَلَى المَأْمُور أَنْ يُرْسِل المَرْأَة إِلَى مَنْزِل أَبِيهَا فَفَعَلَ، وَأَطْلَقَ سَبِيل صَاحِبهَا، ثُمَّ حَمَلْنَا الفَتِيّ فِي مَرْكَبَة إلى منزلِه، وَدَعَوْنَا لَهُ الطَّبِيب فَقَرَّرَ أَنَّهُ مُصَاب بحمَّى دِمَاغِيَّة شَدِيدَة وَلَبِثَ سَاهِرًا بِجَانِبِهِ بَقِيَّة اللَّيْل يُعَالِجهُ حَتَّى دِنَّا الصُّبْح فَانْصَرَفَ عَلَى أَنْ يَعُود مَتَى دَعَوْنَاهُ.
وَعَهِد إِلَيَّ بِأَمْرِهِ فَلَبِثَتُ بِجَانِبِهِ أَرْثِي لِحَالِهِ وَأنْتَظَرَ قَضَاء الله ِفِيهِ حَتَّى رَأَيْتُه يَتَحَرَّك فِي مَضْجَعه ثُمَّ فَتَحَ عَيْنَيْهِ فَرَآنِي فَلَبِثَ شَاخِصًا إِلَيَّ هُنَيْهَة كَأَنَّمَا يُحَاوِل أَنْ يَقُول لِي شَيْئًا فَلَا يَسْتَطِيعهُ فَدَنَوْت مِنْهُ وَقُلْت لَهُ: «هَلْ مِنْ حَاجَة يَا سَيِّدِي؟».
فَأَجَابَ بِصَوْت ضَعِيف خَافِت: «حَاجَتِي أَنْ لَا يَدْخُل عَلَيَّ مِنْ النَّاس أَحَد».

1 / 162