156

al-ikhtilāṭ bayna al-rijāl wa al-nisāʾ

الاختلاط بين الرجال والنساء

Publisher

دار اليسر

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م

Genres

وَقُلْتُمْ لَهَا إِنَّ الحُبّ أَسَاس الزَّوَاج فَمَا زَالَتْ تَقْلِب عَيْنهَا فِي وُجُوه الرِّجَال مُصَعِّدَة مُصَوِّبَة حَتَّى شَغَلَهَا الحُبّ عَنْ الزَّوَاج.
وَقُلْتُمْ لَهَا إِنَّ سَعَادَة المَرْأَة فِي حَيَاتهَا أَنْ يَكُون زَوْجهَا عَشِيقهَا وَمَا كَانَتْ تَعْرِف إِلَّا أَنَّ الزَّوْج غَيْر العَشِيق فَأَصْبَحَتْ تَطْلُب فِي كُلّ يَوْم زَوْجًا جَدِيدًا يُحيْيَ مِنْ لَوْعَة الحُبّ مَا أَمَاتَ الزَّوْج القَدِيم فَلَا قَدِيمًا اِسْتَبْقَتْ وَلَا جَدِيدًا أَفَادَتْ.
وَقُلْتُمْ لَهَا لَا بُدّ أَنْ تَتَعَلَّمِي لِتُحْسِنِي تَرْبِيَة وَلَدك وَالْقِيَام عَلَى شُؤُون بَيْتك فَتَعَلَّمَتْ كُلّ شَيْء إِلَّا تَرْبِيَة وَلَدهَا وَالْقِيَام عَلَى شُؤُون بَيْتهَا.
وَقُلْتُمْ لَهَا نَحْنُ لَا نَتَزَوَّج مِنْ النِّسَاء إِلَّا مِنْ نُحِبّهَا وَنَرْضَاهَا ويُلائمُ ذَوْقُهَا ذَوْقنَا وَشُعُورُها شُعُورَنَا؛ فَرَأَتْ أَنّه لَابُدَّ لَهَا أَنَّ تَعرِف مَوَاقِع أهوائكم وَمَبَاهِج أَنْظَاركُمْ لِتَتَجَمَّل لَكُمْ بِمَا تُحِبُّونَ، فَرَاجَعَتْ فِهْرِس حَيَاتكُمْ صَفْحَة صَفْحَة فَلَمْ تَرَ فِيهِ غَيْر أَسْمَاء الخليعات المُسْتَهْتِرَات وَالضَّاحِكَات اللَّاعِبَات وَالْإِعْجَاب بِهِنَّ وَالثَّنَاء عَلَى ذَكَائِهِنَّ وَفِطْنَتهنَّ.
فتخلَّعَتْ وَاسْتَهْتَرَتْ لِتَبْلُغ رِضَاكُمْ وَتنْزِل عِنْد مَحَبَّتكُمْ، ثُمَّ مَشَتْ إِلَيْكُمْ بِهَذَا الثَّوْب الرَّقِيق الشَّفَّاف تَعْرِض نَفْسهَا عَلَيْكُمْ عَرْضًا كَمَا تَعْرِض الأُمَّة نَفْسهَا فِي سُوق الرَّقِيق، فَأَعْرَضْتُمْ عَنْهَا وَقُلْتُمْ لَهَا: «إِنَّا لَا نَتَزَوَّج النِّسَاء العَاهِرَات»، كَأَنَّكُمْ لَا تُبَالُونَ أَنْ يَكُون نِسَاء الأُمَّة جَمِيعًا سَاقِطَات إِذَا سَلَّمَتْ لَكُمْ نِسَاؤُكُمْ فَرَجَعَتْ أَدْرَاجهَا خَائِبَة مُنْكَسِرَة وَقَدْ أَبَاهَا الخَلِيع وَتَرَفُّع عَنْهَا المُحْتَشِم فَلَمْ تَجِد بَيْن يَدَيْهَا غَيْر بَاب السُّقُوط فَسَقَطَتْ.
ذَلِكَ بُكَاؤُكُمْ عَلَى المَرْأَة أَيُّهَا الرَّاحِمُونَ وَهَذَا رِثَاءَكُمْ لَهَا وَعَطْفكُمْ عَلَيْهَا!
نَحْنُ نَعْلَم كَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّ المَرْأَة فِي حَاجَة إِلَى العِلْم فَلْيُهَذِّبْهَا أَبُوهَا أَوْ أَخُوهَا فَالتَّهْذِيب أَنْفَع لَهَا مِنْ العِلْم، وَإِلَى اِخْتِيَار الزَّوْج العَادِل الرَّحِيم فَلْيُحْسِنْ الآبَاء اِخْتِيَار الأَزْوَاج لِبَنَاتِهِمْ وَلِيجْمل الأَزْوَاج عِشْرَة نِسَائِهِمْ، وَإِلَى النُّور وَالْهَوَاء تَبْرُز إِلَيْهِمَا وَتَتَمَتَّع فِيهِمَا بِنِعْمَة الحَيَاة فَلْيَأْذَنْ لَهَا أَوْلِيَاؤُهَا بِذَلِكَ وَلِيُرَافِقهَا رَفِيق مِنْهُمْ فِي غدواتها وروحاتها

1 / 159