Mithl Dhib Yacwi Taht Qamar
مثل ذئب يعوي تحت القمر: نصوص شعرية فلسفية
Genres
أقصد أن التفكير المتولد عن الشك لا يربطني بوجودي الخاص، بل يدفعني بعيدا عن هذا الوجود الضيق والمحدود الذي أمثله. أصير مثل «مالك الحزين» في غابة خريفية كثيفة الأشجار، أو مثل سمكة انحصرت عنها مياه البحر وظلت حبيسة بركة صغيرة. لا أشك أو أفكر إلا وأكتشف المأساة، مأساة فكري، مأساة الفكر الذي لا يريد أن ينفذ إلى الحياة، حياتي أنا ووجودي أنا.
أن أشك بطريقة منهجية، يا للهول! كيف سأصبح إن حققت هذا الفعل، بل كيف سيكون عليه حالنا جميعا إن كنا نفكر ونشك بنفس الطريقة. السيبورغ نفسه قد يرفض ذلك ما دام فيه بقية من إنسانية.
كما لو يطلب مني مثلا أن أحب بطريقة منهجية، أو أحلم باتباع قواعد مضبوطة، الشيء الوحيد الذي يمكن أن أقوم به بطريقة منهجية في هذه الحياة هو التثاؤب بانتظام قبل الذهاب إلى النوم.
الفصل الخامس عشر
من كوكب آخر
هنالك ثلاثة أقمار تحيط بي: الحرية، والشعر، والحكمة، أما الشمس التي تنير نهاراتي فهي الروحانية. الروحانية القلقة والمتوترة، فليكن الله في عوني، أنا مثل أشجار تحلم بالطيور، مثل مطر يبحث عن ريشة فنان، الاستعارة التي لم تعثر بعد على الكلمات المناسبة. آه لو كنت إسبانيا لكنت الناي الغامض في الخريف الناعس. ولو كنت فرنسيا لفضلت أن أكون عطرا، أو حتى نظرية فلسفية على ناصية الشارع. أما لو كنت اسكندينافيا فحتما سأكون قلبا دافئا يعطف على سمكة الحب قرب مدفأة مفتوحة على الشاطئ.
وأخيرا لو كنت مغربيا؛ لصرت الشحوب الذي يعلو قطعة الأثاث العتيقة، الاخضرار فوق آنية النحاس، المهد الذي تربى فيه كل أطفال الحي، وها هو يباع من جديد في دكان الخرداوات، آلة الخياطة القديمة التي تملكها أرملة ضاع زوجها في الصحراء.
لكن مع ذلك أعتقد أنني أمير ياباني أو بنغالي من سلالة منقرضة كانت تعمل في الخيمياء، والسفر عبر الزمان. كم من ميتة متها، وكم من حياة عشتها؟
هكذا أنا الحزن المسافر إلى بلدان الله البعيدة.
الصفير الأخير لعصفور يحتضر.
Unknown page