اعتراف تركيا بتلك الاتفاقية. (1-1) أما اتفاقية سنة 1899م
فهي باطلة بالبراهين الآتية: (1)
لأنها مبنية على الفتح، وهذا أساس غير صحيح؛ لأن الفتح لم يحصل إلا باسم مصر فقط، والدليل على ذلك أن مارشان عندما احتل فاشودة وتوجه كتشنر إليها، واحتل نقطة أمام النقطة المحتلة من الفرنسيين، لم يرفع إلا العلم المصري فقط أمام العلم الفرنسي، وفي هذه الحالة كان ل كتشنر صفتان: إحداهما أنه قائد مصري، وثانيتهما أنه قائد إنجليزي؛ لأن الحامية الإنجليزية التي في السودان كانت تحت قيادته، وجزء من تلك الحامية كان في فاشودة، وقد أدى التعظيم الواجب عندما رفع العلم المصري وحده أمام العلم الفرنسي.
وحيث أن هذه الحادثة كانت خاتمة الأعمال الحربية في تلك البلاد، وتعتبر تتويجا لها، فرفع العلم المصري وحده وتأدية الجنود الإنجليزية له التحية العسكرية، هو اعتراف صريح من إنجلترا أمام دولة أجنبية بأن الفتح لم يحصل إلا باسم مصر فقط، وإلا فلو كان بالاشتراك لرفع العلم الإنجليزي بجانب العلم المصري.
وأما مساعدة الحامية الإنجليزية في فتح السودان، فلا يعتبر إلا من باب مساعدة الوصي لمحجوره في رد جزء من أملاكه فقد بسوء تصرفاته؛ إذ لو اتبع رأي عبد القادر باشا ولم يرسل الجيش المصري في داخل كردفان كما رأى هكس باشا، لما هلك الجيش ولما ضاع السودان. (2)
لأنها تشبه العقد الذي يعقد بين الوصي ومحجوره، ويجر منفعة لهذا الوصي. (1-2) وأما اعتراف تركيا
فهذا الاعتراف لا قيمة له أبدا بالبراهين الآتية: (1)
أن إعلان الحماية على مصر أزال السيادة التركية عنها، ابتداء من ديسمبر سنة 1914م، وتعتبر غير موجودة في وقت عمل التنازل. (2)
أن الحكومة التركية اعترفت باستقلال مصر استقلالا تاما، وجعلت لها حرية تقرير مصيرها السياسي، وهذا القرار صدق عليه من مجلس المبعوثين قبل إمضاء معاهدة سيفر. (3)
أن معاهدة سيفر التي اعترفت فيها تركيا بحماية الإنجليز لمصر، إنما وقعها ممثلو الحكومة التركية مرغمين، وفضلا عن هذا فإن الشعب العثماني معارض فيها أشد المعارضة، وهي مع هذا لم تحز تصديق مجلس المبعوثين، ولم تعترف بها بعض الدول إلى الآن.
Unknown page