وحدود السودان جنوبا وصلت في زمن الخديو إسماعيل إلى بحيرة فيكتوريا نيانزا؛ ففي سنة 1870م أرسل حملة عسكرية لفتح مديرية خط الاستواء تحت قيادة السير صمويل بيكر، فقامت بمهمتها ووضعت نقطا عسكرية على مجرى النيل، كانت آخر نقطة منها جهة فويره بين بحيرتي ألبيرت نيانزا وفيكتوريا نيانزا.
وفي سنة 1874م أرسل الجنرال غوردون مديرا لمديرية خط الاستواء خلفا للسير صمويل بيكر، فأوصل النقط العسكرية إلى بحيرة فيكتوريا نيانزا، حتى كانت آخر نقطة عسكرية مصرية جنوبا شلالات ريبون عند منبع النيل من تلك البحيرة، فخفق العلم المصري هناك، وكان أول علم رسمي لحكومة منتظمة خفق على هذه الأنحاء القصية منذ خلقت، ودخل النيل فعلا من منبعه إلى مصبه في حوزة مصر.
ولما ثبتت قدم غوردون في تلك الأنحاء، أرسل رئيس أركان حربه الكولونيل شاليه لونج الأمريكي إلى أمتيسه ملك أوغانده، فعقد معه اتفاقا في أواخر سنة 1874م، دخلت به هذه المملكة تحت حماية الحكومة المصرية، وكان شريف باشا وقتئذ ناظرا للخارجية المصرية، فأرسل في سنة 1875م إلى عموم الوكلاء السياسيين للدول الأجنبية في القطر المصري، بلاغا يعلنهم فيه بانضمام تلك النواحي إلى الحكومة المصرية، وكان من بينهم طبعا وكيل إنجلترا السياسي. وبقيت هذه البلاد معدودة من توابع مصر إلى سنة 1889م، حيث أمر استانلي باسم الحكومة المصرية مدير خط الاستواء وقتئذ - وهو أمين باشا - بالجلاء عن المديرية المذكورة والتخلي عنها. فتخلى عنها هو وجنوده بإرغام الحكومة الإنجليزية للحكومة المصرية ليصفو الجو لها هناك، وبالفعل لم تلبث إنجلترا حتى أعلنت حمايتها على أوغانده في سنة 1890م.
فحكم الجلاء عن هذه البقعة كحكم جلاء المصريين عن باقي السودان، عمل تم تحت ضغط الحكومة الإنجليزية، وهي قابضة على أزمة الأحكام في القطر المصري لمآرب لها ظهرت بعد هذا الجلاء بسنة واحدة، حيث احتلت تلك البلاد وأعلنت حمايتها عليها.
وليس لعمل إنجلترا قيمة بجانب حقوق الفتح التي لمصر على هذه البلاد، ومع هذا فلا تزال هذه المنطقة من اللادو جنوبا إلى بحيرة فيكتوريا نيانزا، تحت إدارة وزارة المستعمرات الإنجليزية مباشرة، وليست داخلة حتى ضمن حكومة السودان المشتركة اسما بينهم وبين مصر.
وإذا أدرك المصريون القيمة التي لهذه النقطة وارتباطها بحياتهم، علموا أنها أهم من الدلتا وفضلوها عليها، ولم يسعهم أن يغفلوا عن المطالبة بحقوقهم فيها، واعتبارها جزءا غير قابل للانفصال عن السودان المصري، الذي هو جزء من الديار المصرية لا يتجزأ. (1) بطلان حجة تأجيل المفاوضة في شأن السودان
أرجئت المفاوضة في مسألة السودان سنة 1920م لسببين:
الأول:
اتفاقية سنة 1899م.
الثاني:
Unknown page