Misr Khadiwi Ismacil
تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا
Genres
وتلا تلك المعاهدة القراران الوزاريان الصادران في 23 أغسطس و15 أكتوبر سنة 1877، والدكريتو الصادر في أول يناير سنة 1878 تقنينا لشئون الموضوع، ورغبة في الوصول إلى إبطال الرق.
فحق لرسل، الكاتب الإنجليزي، أن يقول عن (إسماعيل) في يوميته في الشرق ص456: «إن عمله في إبطال تجارة الرقيق جدير بالإعجاب الشديد، لا سيما أنه أقدم عليه، وتقاليد شعبه، ومصالح جانب عظيم من رعاياه ضده.»
37
وحق للكاتب الإنجليزي الآخر بياتسا سميث، أن يكتب بملء قلمه: «إن يكن التحرير الإنجليزي عظيما، والتحرير الروسي أعظم، والتحرير الأميريكاني أعظم من الاثنين، فالتحرير المصري أعظم الكل، بلا جدال».
38
كما أنه حق للورد هدو أن يهتف بملء فيه في مجلس العموم البريطاني في أول يونية سنة 1878: «لا شك في أن حاكم مصر الحالي عمل على إبطال الرقيق في بلاده، وتحسين حال رعاياه، أكثر من كل حاكم مسلم، بل ربما أكثر من كل حاكم مسيحي في مدة من الزمان مساوية لمدة عمله».
39
على أن كل هذا التعديل المتنوع، الذي أدخله (إسماعيل) على حياة أمته المصرية، وفصلناه تفصيلا وافيا في الصفحات السابقة، إن أوجب تطورها المستمر، وإن غير مجاري العقلية في بعض طبقاتها، لم يكن يستطيع أن ينتج ثمره إلا مع توالي الأيام.
لذلك استمرت معظم ظواهر الحياة القومية تتجلى هي هي أمام من لا يرون إلا الظواهر، ولكن الذين كانوا يتمكنون من أن يخترقوا بنظرهم حجب الظواهر، ويتبينوا، بين طيات دجى الليالي بصيص نور الفجر، كما يتبين سليم العين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، في بصيص الشفق البعيد، أولئك لم يكونوا ليغتروا بتلك الظواهر، وكانوا يعلمون يقينا أن الحركة التي صدرت، بقوة، عن يد (إسماعيل)، فدفعت بالحياة المصرية إلى مرافق الحياة الغربية، وأدخلت المصالح الغربية إلى صميم مرافق الحياة المصرية، أوجبت حتما تطورا مستمرا، وجعلت البقاء على الجمود، أو الرجوع القهقري أمرين خارجين عن دائرة الإمكان.
فلم يكن ليسعهم إلا أن يرددوا القول التالي المأثور عن صاحب كتاب «المسألة المصرية» وهو: «إنما القطر المصري مدين بكل عنصر تقدم ورقي نجده اليوم فيه لسني ملك (إسماعيل) الست عشرة».
Unknown page