[كلمة معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد]
مصباح الظلام
في الرد على من كذب الشيخ الإمام
ونسبه إلى تكفير أهل الإيمان والإسلام
(أ) كلمة معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد فضيلة الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد: فإن من أهم المسائل الشرعية، التي ينبغي فقهها وتعلمها، مسائل التفكير التي ضل بسببها طائفتان: طائفة غلت - وهم الخوارج -، فرأوا: أن الإيمان يزول بزوال العمل أو جزء منه؛ لذا حكموا على كل من ارتكب كبيرة من الكبائر - من غير استحلال لها - كالزنا، وشرب الخمر وأكل الربا أنه كافر مرتد، وأنه في الآخرة خالد في النار. وطائفة أخرى تساهلت - وهم المرجئة - فرأوا: أن العمل لا يدخل في مسمى الإيمان، فالإيمان عندهم هو التصديق فقط؛ لذا لو أدخلوا العمل في مسمى الإيمان، للزم - على قولهم - انتفاء الإيمان بانتفاء جزء منه؛ لذا حكموا بإيمان كل من كان متصدقًا بقلبه، حتى ولو أشرك بالله، ولذا قالوا: لو دعا غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، واستغاث به، أو توكل عليه، أو نذر له، أو جعله واسطة بين الله وبين خلقه؛ لأن الشرك في الإرادة - عندهم - إذا لم يتضمن الشرك في الاعتقاد فليس شركًا. وهذا قول فاسد، ورأي كاسد، وإلا فالمشركون الضالون عندما اتخذوا الأصنام أندادًا لله تعالى، قالوا: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ [الزمر: ٣] [الزمر: ٣] فهم يحتجون بأنهم لم يعبدوهم؛ بل جعلوهم واسطة وقربى إلى الله. واعلم - وفقك الله - أن منشأ ضلال الفرقتين جاء من عدم فهمهم لمسمى الإيمان
(ب) وما يقتضيه، ولقد وفق الله أهل السنة والجماعة، فجمعوا بين الأدلة، ووفقوا بين النصوص الواردة في هذا الباب، وقالوا: لا يلزم من زوال جزء الإيمان زواله بالكلية، فقد يزول، وقد لا يزول، ولهذا قعدوا في هذا الباب قاعدة عظيمة، نفيسة، فقالوا: إن الإيمان قول باللسان، واعتقاد بالجنان، وعمل بالأركان، يزيد بطاعة الرحمن، وينقص باتباع خطوات الشيطان. وبناءً على هذه القاعدة العظيمة التي استنبطوها وفهموها من خلال الاستقراء والتتبع لنصوص القرآن والسنة، قالوا: إن كل من نطق بالشهادتين، فهو مسلم من المسلمين، يحرم ماله ودمه وعرضه إلا بالحق، وأن له ما للمسلمين، وعليه ما عليهم، وأنه لا يخرج من إسلامه بذنب ارتكبه، أو خطأ وقع فيه. قال الإمام البخاري في صحيحه (١) (باب المعاصي من أمر الجاهلية) ولا يكفر صاحبها بارتكابها إلا بالشرك؛ لقول النبي ﷺ: " «إنك امرؤ فيك جاهلية» "، وقول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨] [النساء: ٤٨] قال ابن بطال مبينا مراد البخاري في عنوان هذا الباب (٢) (غرض البخاري الرد على من يكفر بالذنوب كالخوارج، ويقول: أن من مات على ذلك يخلد في النار، والآية ترد عليهم؛ لأن المراد بقوله: ﴿وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨] [النساء: ٤٨] من مات على كل ذنب سوى الشرك) . قال شيخ الإسلام ابن تيمية (٣) ﵀: (يجب الاحتراز من تكفير المسلمين بالذنوب والخطايا فإنه أول بدعة ظهرت في الإسلام فكفر أهلها المسلمين واستحلوا دماءهم وأموالهم) . وقال أيضًا: (٤) ﵀: (ولا يجوز تكفير المسلم بذنب فعله ولا بخطأ فيه كالمسائل التي تنازع فيها أهل القبلة. . . والخوارج المارقون الذين أمر النبي بقتالهم قاتلهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أحد الخلفاء الراشدين واتفق على قتالهم أئمة _________ (١) صحيح البخاري (١ / ٢٠) . (٢) فتح الباري (١ / ٨٥) . (٣) مجموع الفتاوى (١٣ / ٣١) . (٤) مجموع الفتاوى (٣ / ٢٨٢ - ٢٨٣) .
(ج) الدين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ولم يكفرهم علي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص وغيرهما من الصحابة بل جعلوهم مسلمين) . وقال النووي (١) ﵀: (واعلم أن مذهب أهل الحق أنه لا يكفر أحد من أهل القبلة بذنب ولا يكفر أهل الأهواء والباع وأن من جحد ما يعلم من دين الإسلام ضرورة حكم بردته وكفره إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام، أو نشأ ببادية بعيدة ونحوه ممن يخفى عليه فيعرف ذلك، فإن استمر حكم بكفره) . إذا تبين هذا: فاعلم - أيضًا - أن بعضًا من المسلمين قد يخرج من الإسلام بارتكابه ناقضًا من نواقضه، كالغلو في الأولياء، ودعائهم من دون الله، والاستغاثة بهم فيما لا يقدر عليه إلا الله، أو جعلهم واسطة بين الله وبين خلقه، أو غير ذلك، قال شيخ الإسلام ابن تيمية (٢) ﵀: (فإذا كان عهد رسول الله ﷺ وخلفائه الراشدين قد انتسب إلى الإسلام من مرق منه مع عبادته العظيمة حتى أمر النبي بقتالهم، فيعلم أن المنتسب إلى الإسلام أو السنة في هذه الأزمان قد يمرق - أيضًا - من الإسلام والسنة حتى يدعي السنة من ليس من أهلها؛ بل قد مرق منها، وذلك بأسباب: منها الغلو الذي ذمه الله تعالى في كتابه) . إلى أن قال ﵀ (٣) (وكذلك الغلو في بعض المشايخ. . بل الغلو في علي بن أبي طالب ﵁ ونحوه؛ بل الغلو في المسيح ﵇ ونحوه، فكل من غلا في حي، أو في رجل صالح. . وجعل فيه نوعا من الإلهية مثل أن يقول: كل رزق لا يرزقنيه الشيخ فلان ما أريده، أو يقول إذا ذبح شاة: باسم سيدي، أو يعبده بالسجود له، أو لغيره، أو يدعوه من دون الله تعالى، مثل أن يقول: يا سيدي فلان اغفر لي، أو ارحمني، أو انصرني، أو ارزقني، أو أغثني، أو أجرني، أو توكلت عليك، أو أنت حسبي، أو أنا في حسبك، أو نحو هذه الأقوال والأفعال التي هي من خصائص الربوبية التي تصلح إلا لله تعالى، فكل هذا شرك وضلال يستتاب صاحبه، فإن تاب وإلا قتل، فإن الله إنما أرسل الرسل وأنزل الكتب لنعبد الله وحده لا شريك له، _________ (١) شرح صحيح مسلم له (١ / ١٥٠) . (٢) مجموع الفتاوى (٣ / ٢٨٣) . (٣) مجموع الفتاوى (٣ / ٣٩٤ - ٣٩٥) .
(د) ولا نجعل مع الله إلهًا آخر. . فأرسل الله رسله تنهى أن يدعى أحد من دونه لا دعاء عبادة ولا دعاء استغاثة) . وقال ابن القيم (١) ﵀: (ومن أنواعه - أي الشرك - طلب حوائج من الموتى، والاستغاثة بهم، والتوجه إليهم، وهذا أصل شرك العالم) . وقال ابن عبد الهادي (٢) ﵀: (إن أريد بها المبالغة بحسب ما يراه كل أحد تعظيمًا، حتى الحج إلى قبره والسجود له، والطواف به، واعتقاد أنه يعلم الغيب، وأنه يعطي ويملك لمن استغاث به من دون الله النفع والضر، وأنه يقضي حوائج السائلين، ويفرج كربات المكروبين، وأنه يشفع فيمن يشاء ويدخل الجنة من يشاء، فدعوى المبالغة في هذا التعظيم مبالغة في الشرك، وانسلاخ من جملة الدين) . وفي الفتاوى البزازية (٣) من كتب الحنفية: (من قال: إن أرواح المشايخ حاضرة تعلم، يكفر) . وقال الشيخ صنع الله الحلبي الحنفي (٤) (هذا، وإنه قد ظهر الآن فيما بين المسلمين جماعات يدعون أن للأولياء تصرفات بحياتهم وبعد مماتهم، ويستغاث بهم في الشدائد والبليات، وبهممهم تكتشف المهمات، فيأتون قبورهم وينادونهم في قضاء الحاجات) . إلى أن قال: (وهذا كلام فيه تفريط وإفراط؛ بل فيه الهلاك الأبدي، والعذاب السرمدي؛ لما فيه من روائح الشرك المحقق، ومصادرة الكتاب العزيز المصدق، ومخالفة لعقائد الأئمة، وما أجمعت عليه الأمة) . وقال ابن نجيم الحنفي (٥) (قال الشيخ قاسم في شرح الدرر: وأما النذر الذي ينذره أكثر العوام على ما هو مشاهد كأن يكون لإنسان غائب أو مريض أو له حاجة ضرورية فيأتي بعض الصلحاء فيجعل ستره على رأسه فيقول: يا سيدي فلان إن رد غائبي أو عوفي مريضي أو قضيت حاجتي فلك من الذهب كذا، أو من الفضة كذا، _________ (١) مدارج السالكين (١ / ٣٤٦) . (٢) الصارم المنكي (ص ٤٦٤) . (٣) الفتاوى البزازية بهامش الفتاوى الهندية (٣ / ٣٢٦)، والبحر الرائق (٥ / ١٣٤) . (٤) انظر كتابه: " الرد على من ادعى أن للأولياء تصرفًا في الحياة وبعد الممات على سبيل الكرامة ". (٥) البحر الرائق (٢ / ٣٢٠) .
(هـ) أو من الطعام كذا، أو من الماء كذا، أو من الشمع كذا، أو من الزيت كذا، فهذا النذر باطل بالإجماع لوجوه منها: أنه نذر لمخلوق والنذر للمخلوق لا يجوز لأنه عبادة والعبادة لا تكون للمخلوق، ومنها: أن المنذور له ميت والميت لا يملك، ومنها: إن ظن أن الميت يتصرف في الأمور دون الله تعالى واعتقاده ذلك كفر) . وعندما عرف الفقهاء المرتد، قالوا (١) المرتد: من أشرك بالله تعالى، أو كان مبغضًا للرسول ﷺ ولما جاء به، أو ترك إنكار منكر بقلبه، أو توهم أن أحدًا من الصحابة أو التابعين أو تابعيهم قاتل مع الكفار، أو أجاز ذلك، أو أنكر مجمعًا عليه إجماعًا قطعيًا، أو جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم ويدعوهم ويسألهم، ومن شك في صفة من صفات الله تعالى ومثله لا يجهلها، فمرتد وإن كان مثله يجهلها فليس بمرتد. واعلم أن هذه المسألة - مسألة الغلو في الأولياء، ودعائهم من دون الله، والاستغاثة بهم فيما لا يقدر عليه إلا الله، أو جعلهم واسطة بين الله وبين خلقه - من المسائل المجمع على كفر فاعلها - ممن مثله لا يجهلها - عند أهل العلم، وقد نقل ذلك عنهم ابن تيمية (٢) قال ﵀: (فمن جعل الملائكة والأنبياء وسائط يدعوهم ويتوكل عليهم ويسألهم جلب المنافع، ودفع المضار مثل أن يسألهم غفران الذنب، وهداية القلوب، وتفريج الكروب، وسد الفاقات، فهو كافر بإجماع المسلمين) . وقد نقل كلام شيخ إلاسلام هذا جملة من الفقهاء، كابن مفلح (٣) والمرداوي (٤) والحجاوي (٥) والبهوتي (٦) وابن ضويان (٧) وغيرهم ﵏. كما أن هذه المسألة - أيضًا - من الواضحات، والجهل بها من الفاضحات، والعلم بها ضرورة من ضرورات الدين، ومن أصول دعوة الأنبياء والمرسلين ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [التوبة: ٣١] _________ (١) الفتاوى الكبرى (٤ / ٦٠٦) . (٢) مجموع الفتاوى (١ / ١٢٤) . (٣) الفروع (٦ / ١٥٨) . (٤) الإنصاف (١٠ / ٣٢٧) . (٥) الإقناع وشرحه (٦ / ١٦٨) . (٦) المصدر السابق (٦ / ١٦٨) . (٧) منار السبيل (٢ / ٣٥٧) .
(و) [التوبة: ٣١]، ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [البينة: ٥] [البينة: ٥] . ولقد جهل فئات من المسلمين هذا الأصل العظيم، وابتلوا بمشايخ سوء زينوا لهم مسالك أصحاب الجحيم، ونفروهم عن سلوك الطريق المستقيم، والمنهج القويم، اعتمدوا فيها على تأويلات باطلة، وأحاديث مفتعلة موضوعة مضللة، وكان من توفيق الله ومنته على خلقه، أن هيأ في كل زمان بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى، ويبصرون منهم على الأذى، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، وكان من بين هؤلاء العلماء الأعلام، والقدوة السنام، الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب ﵀ إذ لما رأى تعلق كثير من المسلمين في زمانه بالمخلوقين، من أولياء وصالحين، وسؤالهم واتخاذهم وسائط بينهم وبين الله رب العالمين، دعاهم دعوة المشفقين، ونصحهم نصيحة المحبين ﴿يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾ [يس: ٢٠] [يس: ٢٠]، ﴿فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [آل عمران: ٩٥] [آل عمران: ٩٥]، وقام فيهم منذرًا ﴿وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ [البقرة: ١٦٨] [البقرة: ١٦٨]، ولما رأى أعداؤه قبول الناس لدعوته، وتقبلهم لنصحه وطريقته، أخذوا يحذرون - كما هي عادة المبتدعين الضالين - أتباعهم وأعوانهم منه، فألصقوا به التهم والأكاذيب، وروجوا عنه الأباطيل والأعاجيب، فكانوا مما نسبوا إليه - زورًا وبهتانًا - القول بتكفير المسلمين، واستحلال دمائهم وأموالهم، إلى غير ذلك من إفكهم وتلفيقهم، وما كان من الشيخ ﵀ إلا وأن أبان وهاء هذه الفرية، وسقوط هذه التهمة، في مواضع كثيرة من الرسائل والمصنفات. قال الشيخ محمد ﵀ نافيًا ذلك الزعم الفاسد، والرأي الكاسد (١) (وأما الكذب والبهتان، فمثل قولهم: إنا نكفر بالعموم، ونوجب الهجرة إلينا على من قدر على إظهار دينه، وإنا نكفر من لم يكفر، ومن لم يقاتل، ومثل هذا، وأضعاف أضعافه، فكل هذا من الكذب والبهتان الذي يصدون به الناس عن دين الله ورسوله، وإذا كنا لا نكفر من عبد الصنم الذي على قبر عبد القادر والصنم الذي على قبر أحمد البدوي وأمثالهما؛ لأجل جهلهم، وعدم من ينبههم، فكيف نكفر من لم يشرك بالله إذا لم يهاجر إلينا أو لم يكفر ويقاتل، سبحانك هذا بهتان عظيم) . _________ (١) مجموع مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب (٣ / ١١) .
(ز) وقال أيضًا (١) (أما ما ذكره الأعداء عني، أني أكفر بالظن وبالموالاة أو أكفر الجاهل الذي لم تقم عليه الحجة، فهذا بهتان عظيم، يريدون به تنفير الناس عن دين الله ورسوله) . وقال أيضًا (٢) (ومنها ما ذكرتم: أني أكفر جميع الناس إلا من اتبعني، وأزعم أن أنكحتهم غير صحيحة، ويا عجبًا كيف يدخل هذا في عقل عاقل، هل يقول هذا مسلم، أو كافر، أو عراف، أو مجنون) . وقال أيضًا (٣) (فإن قال قائلهم: أنهم يكفرون بالعموم فنقول: سبحانك هذا بهتان عظيم) . وقال أيضًا (٤) (وأما القول: أننا نكفر بالعموم فذلك من بهتان الأعداء الذي يصدون به عن هذا الدين، ونقول: سبحانك هذا بهتان عظيم) . كما أن لأبناء الشيخ محمد ﵀ ومن سلك مسلكه من طلابه ومحبيه جهد مبرور، وعمل مشكور، في رد هذه الفرية المزعومة، والشهادة الساقطة المكلومة: فيقول الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب (٥) ﵀: (وأما ما يكذب علينا سترًا للحق، وتلبيسًا على الخلق، بأننا نكفر الناس على الإطلاق أهل زماننا ومن بعد الستمائة، إلا من هو على ما نحن فيه ومن فروع ذلك ألا نقبل بيعة أحد إلا بعد التقرر عليه بأنه كان مشركًا، وأن أبويه ماتا على الشرك بالله. . . فلا وجه لذلك فجميع هذه الخرافات وأشباهها لما استفهمنا عنها من ذكر أولًا، كان جوابنا في كل مسألة من ذلك سبحانك هذا بهتان عظيم، فمن روى عنا شيئًا أو نسبه إلينا، فقد كذب علينا وافترى، ومن شاهد حالنا وحضر مجالسنا وتحقق مما عندنا علم قطعًا أن جميع ذلك وضعه علينا وافتراه أعداء الدين وإخوان الشياطين تنفيرًا للناس عن الإذعان بإخلاص التوحيد لله تعالى بالعبادة، وترك أنواع الشرك. .) . _________ (١) المصدر السابق (٥ / ٢٥) . (٢) المصدر السابق (٥ / ٣٦) . (٣) المصدر السابق (٥ / ٤٥) . (٤) المصدر السابق (٥ / ١٠٠) . (٥) الهدية السنية (ص ٤٠) .
(ح) ويقول الشيخ عبد العزيز بن حمد (١) ﵀: (ومن زعم أننا نكفر الناس بالعموم، أو نوجب الهجرة إلينا على من قدر على إظهار دينه ببلده، فقد كذب وافترى) . ويقول الشيخ عبد اللطيف (٢) ﵀: (والشيخ محمد ﵀ من أعظم الناس توقفًا وإحجامًا عن إطلاق الكفر حتى أنه لم يجزم بتكفير الجاهل الذي يدعو غير الله من أهل القبور أو غيرهم إذا لم يتيسر له من ينصحه ويبلغه الحجة التي يكفر مرتكبها) . وقال أيضًا (٣) ﵀: (فإنه لا يكفر إلا بما أجمع المسلمون على تكفير فاعله من الشرك الأكبر والكفر بآيات الله ورسوله أو بشيء منها بعد قيام الحجة وبلوغها المعتبر، كتكفير من عبد الصالحين، ودعاهم مع الله) . وقال أيضًا (٤) ﵀: (وأما قوله (٥) " فسعى بالتكفير للأمة خاصها وعامها وقاتلها على ذلك جملة إلا من وافقه على قوله ". فهذه العبارة تدل على تهور في الكذب ووقاحة تامة. . وصريح هذه العبارة أن الشيخ كفر جميع هذه الأمة، من المبعث النبوي إلى قيام الساعة إلا من وافقه على قوله الذي اختص به، وهل يتصور هذا عاقل عرف حال الشيخ وما جاء به ودعا إليه) . ويقول محمد بشير السهسواني ﵀ في رد ما افتراه دحلان على الشيخ محمد بن عبد الوهاب (٦) (هذا كل افتراء بلا ريب على الشيخ يعرفه من له رائحة من الإيمان والعلم والعقل) . وقال أيضًا (٧) ﵀: (الجواب على هذه الأقوال كلها: أنها على طولها وكثرتها كذبة خبيثة فلا تعجبك كثرة الخبيث) . _________ (١) مجموعة الرسائل والمسائل النجدية (٤ / ٥٧٤) . (٢) منهاج التأسيس (ص ٦٥) . (٣) مجموعة الرسائل والمسائل النجدية (٣ / ٥) . (٤) مصباح الظلام، وهو الكتاب الذي بين يديك (ص ٥٠ - ٥١) . (٥) يعني قول ابن منصور، المردود عليه بهذا الكتاب. (٦) صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان (ص ٤٨٦) . (٧) المصدر السابق (ص ٥١٨) .
(ط) وقال أيضًا (١) ﵀: (إن الشيخ وأتباعه لم يكفروا أحدًا من المسلمين، لم يعتقدوا أنهم هم المسلمون، وأن من خالفهم هم المشركون) . وقال محمد رشيد رضا (٢) ﵀: (بل في هذا الكتاب خلاف على مما ذكر وضده، ففيها أنه لا يكفرون إلا من أتى بما هو كفر بإجماع المسلمين) . والنقول في هذا الموضع كثيرة جدًّا، وفي الإشارة ما يغني عن كثير من العبارة (٣) . وإذا ثبتت براءة الشيخ ﵀، وعلماء الدعوة من هذه الفرية، فاعلم أنهم قد قعدوا للتفكير قواعد وحددوا له ضوابط؛ بل أنكروا على من أوكل في تكفير المسلمين أو تكفير ولاتهم ومشايخهم، وبينوا أن التكفير لا يكون إلا بما أجمع المسلمون على تكفير فاعله، من الشرك الأكبر، والكفر بآيات الله ورسله، أو بشيء منها بعد قيام الحجة، وبلوغها المعتبر، وبينوا أن الكلام في هذا يتوقف على معرفة ما سبق، ومعرفة أصول عامة كلية، وأنه لا يجوز الكلام في هذا الباب، وفي غيره لمن جهلها وأعرض عنها، وعن تفاصيلها. قال الشيخ عبد اللطيف (٤) ﵀ في رسالة أرسلها إلى رجلين سمع منهما القول بتكفير المسلمين، وأنهما تعلقا في ذلك بما قاله شيخ الإسلام محمد ﵀: (وقد رأيت رجلين من أشباهكم المارقين بالإحسان قد اعتزلا الجمعة والجماعة وكفرا من في تلك البلاد من المسلمين، وحجتهم من جنس حجتكم، ويقولون: أهل الإحسان يجالسون ابن فيروز ويخالطونه هو وأمثاله ممن لم يكفر بالطاغوت، ولم يصرح بتكفير جده، الذي لم يقبلها وعاداها. قال: ومن لم يصرح بكفره فهو كافر بالله، لم يكفر بالطاغوت، ومن جالسه فهو مثله. ورتبوا على هاتين المقدمتين الكاذبتين الضالتين ما يترتب على الردة الصريحة من الأحكام حتى تركوا رد _________ (١) المصدر السابق (ص ٥١٨) . (٢) انظر كلامه أثناء تعليقه على ما ذكره السهسواني في كتابه: " صيانة الإنسان " (ص ٥١٨) . (٣) ومن أحسن من رأيت عرضًا وتفنيدًا لهذه الفرية وغيرها مما نسب للشيخ ودعوته كتاب: (دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب عرض ونقض) للدكتور عبد العزيز بن محمد آل عبد اللطيف. (٤) الدرر السنية (١ / ٤٦٧ - ٤٦٨) .
(ي) السلام فرفع إلي أمرهم، فأحضرتهم وتهددتهم، وأغلظت لهم القول؛ فزعموا أولًا: أنهم على عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وأن رسائله عندهم، فكشفت شبهتهم، وأدحضت ضلالتهم. . وأخبرتهم ببراءة الشيخ من هذا المعتقد والمذهب، وأنه لا يكفر إلا بما أجمع المسلمون على تكفير فاعله. . وقد أظهر الفارسيان التوبة والندم ثم لما لحقا بالساحل عادا إلى تلك المقالة، وبلغنا عنهم: تكفير أئمة المسلمين، بمكاتبة الملوك المصريين؛ بل كفروا من خالط من كاتبهم من مشايخ المسلمين، نعوذ بالله من الضلال بعد الهدى، والحور بعد الكور. وقد بلغنا عنكم نحو من هذا، وخضتم في مسائل من هذا الباب كالكلام في الموالاة والمعاداة، والمصالحة، والمكاتبات، وبذل إلا موال والهدايا، ونحو ذلك من مقالة أهل الشرك بالله والضلالات والحكم بغير ما أنزل الله عند البوادي، لا يتكلم فيها إلا العلماء من ذوي الألباب، ومن رزق الفهم عن الله، وأوتي الحكمة وفصل الخطاب) . قلت: وفي هذا الكلام من الفوائد والقواعد ما يستحق أن يفرد في شأنه بحث مستقل، كما أنه أبلغ رد على من يتعلق بشبه من كلام الشيخ محمد أو أتباعه في تكفير المسلمين، أو ولاتهم، أو تحميل كلامهم ما لا يحتمل. وما هذا الكتاب الذي بين يديك " مصباح الظلام في الرد على من كذب على الشيخ الإمام ونسبه إلى تكفير أهل الإيمان والإسلام " إلا صورة من صور جهاد القلم الذي جرده علماء الدعوة في رد ما نسب إلى الشيخ - زورًا وبهتانًا - من تكفير للمسلمين واستحلال لدمائهم وأموالهم وحرماتهم، كما أنه يوضح كثيرًا من النقاط والقواعد والفوائد المتعلقة في هذا الباب، وقد أطلعت على ما قام به الأخ الشيخ د. عبد العزيز بن عبد الله بن إبراهيم الزير آل حمد من جهد بالغ في تحقيق هذا الكتاب، وتخريج أحاديثه، وعزو نقوله، وتذييله بفهرس شامل لفوائده وشوارده، مما سيسهل على الباحث والقارئ - إن شاء الله - الاستفادة والانتفاع منه، فجزاه الله خيرًا، ونفع بنا وبه الإسلام والمسلمين، وجعلنا جميعًا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا. وكتبه صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ وزير الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد
(أ) كلمة معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد فضيلة الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد: فإن من أهم المسائل الشرعية، التي ينبغي فقهها وتعلمها، مسائل التفكير التي ضل بسببها طائفتان: طائفة غلت - وهم الخوارج -، فرأوا: أن الإيمان يزول بزوال العمل أو جزء منه؛ لذا حكموا على كل من ارتكب كبيرة من الكبائر - من غير استحلال لها - كالزنا، وشرب الخمر وأكل الربا أنه كافر مرتد، وأنه في الآخرة خالد في النار. وطائفة أخرى تساهلت - وهم المرجئة - فرأوا: أن العمل لا يدخل في مسمى الإيمان، فالإيمان عندهم هو التصديق فقط؛ لذا لو أدخلوا العمل في مسمى الإيمان، للزم - على قولهم - انتفاء الإيمان بانتفاء جزء منه؛ لذا حكموا بإيمان كل من كان متصدقًا بقلبه، حتى ولو أشرك بالله، ولذا قالوا: لو دعا غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، واستغاث به، أو توكل عليه، أو نذر له، أو جعله واسطة بين الله وبين خلقه؛ لأن الشرك في الإرادة - عندهم - إذا لم يتضمن الشرك في الاعتقاد فليس شركًا. وهذا قول فاسد، ورأي كاسد، وإلا فالمشركون الضالون عندما اتخذوا الأصنام أندادًا لله تعالى، قالوا: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ [الزمر: ٣] [الزمر: ٣] فهم يحتجون بأنهم لم يعبدوهم؛ بل جعلوهم واسطة وقربى إلى الله. واعلم - وفقك الله - أن منشأ ضلال الفرقتين جاء من عدم فهمهم لمسمى الإيمان
(ب) وما يقتضيه، ولقد وفق الله أهل السنة والجماعة، فجمعوا بين الأدلة، ووفقوا بين النصوص الواردة في هذا الباب، وقالوا: لا يلزم من زوال جزء الإيمان زواله بالكلية، فقد يزول، وقد لا يزول، ولهذا قعدوا في هذا الباب قاعدة عظيمة، نفيسة، فقالوا: إن الإيمان قول باللسان، واعتقاد بالجنان، وعمل بالأركان، يزيد بطاعة الرحمن، وينقص باتباع خطوات الشيطان. وبناءً على هذه القاعدة العظيمة التي استنبطوها وفهموها من خلال الاستقراء والتتبع لنصوص القرآن والسنة، قالوا: إن كل من نطق بالشهادتين، فهو مسلم من المسلمين، يحرم ماله ودمه وعرضه إلا بالحق، وأن له ما للمسلمين، وعليه ما عليهم، وأنه لا يخرج من إسلامه بذنب ارتكبه، أو خطأ وقع فيه. قال الإمام البخاري في صحيحه (١) (باب المعاصي من أمر الجاهلية) ولا يكفر صاحبها بارتكابها إلا بالشرك؛ لقول النبي ﷺ: " «إنك امرؤ فيك جاهلية» "، وقول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨] [النساء: ٤٨] قال ابن بطال مبينا مراد البخاري في عنوان هذا الباب (٢) (غرض البخاري الرد على من يكفر بالذنوب كالخوارج، ويقول: أن من مات على ذلك يخلد في النار، والآية ترد عليهم؛ لأن المراد بقوله: ﴿وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨] [النساء: ٤٨] من مات على كل ذنب سوى الشرك) . قال شيخ الإسلام ابن تيمية (٣) ﵀: (يجب الاحتراز من تكفير المسلمين بالذنوب والخطايا فإنه أول بدعة ظهرت في الإسلام فكفر أهلها المسلمين واستحلوا دماءهم وأموالهم) . وقال أيضًا: (٤) ﵀: (ولا يجوز تكفير المسلم بذنب فعله ولا بخطأ فيه كالمسائل التي تنازع فيها أهل القبلة. . . والخوارج المارقون الذين أمر النبي بقتالهم قاتلهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أحد الخلفاء الراشدين واتفق على قتالهم أئمة _________ (١) صحيح البخاري (١ / ٢٠) . (٢) فتح الباري (١ / ٨٥) . (٣) مجموع الفتاوى (١٣ / ٣١) . (٤) مجموع الفتاوى (٣ / ٢٨٢ - ٢٨٣) .
(ج) الدين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ولم يكفرهم علي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص وغيرهما من الصحابة بل جعلوهم مسلمين) . وقال النووي (١) ﵀: (واعلم أن مذهب أهل الحق أنه لا يكفر أحد من أهل القبلة بذنب ولا يكفر أهل الأهواء والباع وأن من جحد ما يعلم من دين الإسلام ضرورة حكم بردته وكفره إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام، أو نشأ ببادية بعيدة ونحوه ممن يخفى عليه فيعرف ذلك، فإن استمر حكم بكفره) . إذا تبين هذا: فاعلم - أيضًا - أن بعضًا من المسلمين قد يخرج من الإسلام بارتكابه ناقضًا من نواقضه، كالغلو في الأولياء، ودعائهم من دون الله، والاستغاثة بهم فيما لا يقدر عليه إلا الله، أو جعلهم واسطة بين الله وبين خلقه، أو غير ذلك، قال شيخ الإسلام ابن تيمية (٢) ﵀: (فإذا كان عهد رسول الله ﷺ وخلفائه الراشدين قد انتسب إلى الإسلام من مرق منه مع عبادته العظيمة حتى أمر النبي بقتالهم، فيعلم أن المنتسب إلى الإسلام أو السنة في هذه الأزمان قد يمرق - أيضًا - من الإسلام والسنة حتى يدعي السنة من ليس من أهلها؛ بل قد مرق منها، وذلك بأسباب: منها الغلو الذي ذمه الله تعالى في كتابه) . إلى أن قال ﵀ (٣) (وكذلك الغلو في بعض المشايخ. . بل الغلو في علي بن أبي طالب ﵁ ونحوه؛ بل الغلو في المسيح ﵇ ونحوه، فكل من غلا في حي، أو في رجل صالح. . وجعل فيه نوعا من الإلهية مثل أن يقول: كل رزق لا يرزقنيه الشيخ فلان ما أريده، أو يقول إذا ذبح شاة: باسم سيدي، أو يعبده بالسجود له، أو لغيره، أو يدعوه من دون الله تعالى، مثل أن يقول: يا سيدي فلان اغفر لي، أو ارحمني، أو انصرني، أو ارزقني، أو أغثني، أو أجرني، أو توكلت عليك، أو أنت حسبي، أو أنا في حسبك، أو نحو هذه الأقوال والأفعال التي هي من خصائص الربوبية التي تصلح إلا لله تعالى، فكل هذا شرك وضلال يستتاب صاحبه، فإن تاب وإلا قتل، فإن الله إنما أرسل الرسل وأنزل الكتب لنعبد الله وحده لا شريك له، _________ (١) شرح صحيح مسلم له (١ / ١٥٠) . (٢) مجموع الفتاوى (٣ / ٢٨٣) . (٣) مجموع الفتاوى (٣ / ٣٩٤ - ٣٩٥) .
(د) ولا نجعل مع الله إلهًا آخر. . فأرسل الله رسله تنهى أن يدعى أحد من دونه لا دعاء عبادة ولا دعاء استغاثة) . وقال ابن القيم (١) ﵀: (ومن أنواعه - أي الشرك - طلب حوائج من الموتى، والاستغاثة بهم، والتوجه إليهم، وهذا أصل شرك العالم) . وقال ابن عبد الهادي (٢) ﵀: (إن أريد بها المبالغة بحسب ما يراه كل أحد تعظيمًا، حتى الحج إلى قبره والسجود له، والطواف به، واعتقاد أنه يعلم الغيب، وأنه يعطي ويملك لمن استغاث به من دون الله النفع والضر، وأنه يقضي حوائج السائلين، ويفرج كربات المكروبين، وأنه يشفع فيمن يشاء ويدخل الجنة من يشاء، فدعوى المبالغة في هذا التعظيم مبالغة في الشرك، وانسلاخ من جملة الدين) . وفي الفتاوى البزازية (٣) من كتب الحنفية: (من قال: إن أرواح المشايخ حاضرة تعلم، يكفر) . وقال الشيخ صنع الله الحلبي الحنفي (٤) (هذا، وإنه قد ظهر الآن فيما بين المسلمين جماعات يدعون أن للأولياء تصرفات بحياتهم وبعد مماتهم، ويستغاث بهم في الشدائد والبليات، وبهممهم تكتشف المهمات، فيأتون قبورهم وينادونهم في قضاء الحاجات) . إلى أن قال: (وهذا كلام فيه تفريط وإفراط؛ بل فيه الهلاك الأبدي، والعذاب السرمدي؛ لما فيه من روائح الشرك المحقق، ومصادرة الكتاب العزيز المصدق، ومخالفة لعقائد الأئمة، وما أجمعت عليه الأمة) . وقال ابن نجيم الحنفي (٥) (قال الشيخ قاسم في شرح الدرر: وأما النذر الذي ينذره أكثر العوام على ما هو مشاهد كأن يكون لإنسان غائب أو مريض أو له حاجة ضرورية فيأتي بعض الصلحاء فيجعل ستره على رأسه فيقول: يا سيدي فلان إن رد غائبي أو عوفي مريضي أو قضيت حاجتي فلك من الذهب كذا، أو من الفضة كذا، _________ (١) مدارج السالكين (١ / ٣٤٦) . (٢) الصارم المنكي (ص ٤٦٤) . (٣) الفتاوى البزازية بهامش الفتاوى الهندية (٣ / ٣٢٦)، والبحر الرائق (٥ / ١٣٤) . (٤) انظر كتابه: " الرد على من ادعى أن للأولياء تصرفًا في الحياة وبعد الممات على سبيل الكرامة ". (٥) البحر الرائق (٢ / ٣٢٠) .
(هـ) أو من الطعام كذا، أو من الماء كذا، أو من الشمع كذا، أو من الزيت كذا، فهذا النذر باطل بالإجماع لوجوه منها: أنه نذر لمخلوق والنذر للمخلوق لا يجوز لأنه عبادة والعبادة لا تكون للمخلوق، ومنها: أن المنذور له ميت والميت لا يملك، ومنها: إن ظن أن الميت يتصرف في الأمور دون الله تعالى واعتقاده ذلك كفر) . وعندما عرف الفقهاء المرتد، قالوا (١) المرتد: من أشرك بالله تعالى، أو كان مبغضًا للرسول ﷺ ولما جاء به، أو ترك إنكار منكر بقلبه، أو توهم أن أحدًا من الصحابة أو التابعين أو تابعيهم قاتل مع الكفار، أو أجاز ذلك، أو أنكر مجمعًا عليه إجماعًا قطعيًا، أو جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم ويدعوهم ويسألهم، ومن شك في صفة من صفات الله تعالى ومثله لا يجهلها، فمرتد وإن كان مثله يجهلها فليس بمرتد. واعلم أن هذه المسألة - مسألة الغلو في الأولياء، ودعائهم من دون الله، والاستغاثة بهم فيما لا يقدر عليه إلا الله، أو جعلهم واسطة بين الله وبين خلقه - من المسائل المجمع على كفر فاعلها - ممن مثله لا يجهلها - عند أهل العلم، وقد نقل ذلك عنهم ابن تيمية (٢) قال ﵀: (فمن جعل الملائكة والأنبياء وسائط يدعوهم ويتوكل عليهم ويسألهم جلب المنافع، ودفع المضار مثل أن يسألهم غفران الذنب، وهداية القلوب، وتفريج الكروب، وسد الفاقات، فهو كافر بإجماع المسلمين) . وقد نقل كلام شيخ إلاسلام هذا جملة من الفقهاء، كابن مفلح (٣) والمرداوي (٤) والحجاوي (٥) والبهوتي (٦) وابن ضويان (٧) وغيرهم ﵏. كما أن هذه المسألة - أيضًا - من الواضحات، والجهل بها من الفاضحات، والعلم بها ضرورة من ضرورات الدين، ومن أصول دعوة الأنبياء والمرسلين ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [التوبة: ٣١] _________ (١) الفتاوى الكبرى (٤ / ٦٠٦) . (٢) مجموع الفتاوى (١ / ١٢٤) . (٣) الفروع (٦ / ١٥٨) . (٤) الإنصاف (١٠ / ٣٢٧) . (٥) الإقناع وشرحه (٦ / ١٦٨) . (٦) المصدر السابق (٦ / ١٦٨) . (٧) منار السبيل (٢ / ٣٥٧) .
(و) [التوبة: ٣١]، ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [البينة: ٥] [البينة: ٥] . ولقد جهل فئات من المسلمين هذا الأصل العظيم، وابتلوا بمشايخ سوء زينوا لهم مسالك أصحاب الجحيم، ونفروهم عن سلوك الطريق المستقيم، والمنهج القويم، اعتمدوا فيها على تأويلات باطلة، وأحاديث مفتعلة موضوعة مضللة، وكان من توفيق الله ومنته على خلقه، أن هيأ في كل زمان بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى، ويبصرون منهم على الأذى، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، وكان من بين هؤلاء العلماء الأعلام، والقدوة السنام، الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب ﵀ إذ لما رأى تعلق كثير من المسلمين في زمانه بالمخلوقين، من أولياء وصالحين، وسؤالهم واتخاذهم وسائط بينهم وبين الله رب العالمين، دعاهم دعوة المشفقين، ونصحهم نصيحة المحبين ﴿يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾ [يس: ٢٠] [يس: ٢٠]، ﴿فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [آل عمران: ٩٥] [آل عمران: ٩٥]، وقام فيهم منذرًا ﴿وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ [البقرة: ١٦٨] [البقرة: ١٦٨]، ولما رأى أعداؤه قبول الناس لدعوته، وتقبلهم لنصحه وطريقته، أخذوا يحذرون - كما هي عادة المبتدعين الضالين - أتباعهم وأعوانهم منه، فألصقوا به التهم والأكاذيب، وروجوا عنه الأباطيل والأعاجيب، فكانوا مما نسبوا إليه - زورًا وبهتانًا - القول بتكفير المسلمين، واستحلال دمائهم وأموالهم، إلى غير ذلك من إفكهم وتلفيقهم، وما كان من الشيخ ﵀ إلا وأن أبان وهاء هذه الفرية، وسقوط هذه التهمة، في مواضع كثيرة من الرسائل والمصنفات. قال الشيخ محمد ﵀ نافيًا ذلك الزعم الفاسد، والرأي الكاسد (١) (وأما الكذب والبهتان، فمثل قولهم: إنا نكفر بالعموم، ونوجب الهجرة إلينا على من قدر على إظهار دينه، وإنا نكفر من لم يكفر، ومن لم يقاتل، ومثل هذا، وأضعاف أضعافه، فكل هذا من الكذب والبهتان الذي يصدون به الناس عن دين الله ورسوله، وإذا كنا لا نكفر من عبد الصنم الذي على قبر عبد القادر والصنم الذي على قبر أحمد البدوي وأمثالهما؛ لأجل جهلهم، وعدم من ينبههم، فكيف نكفر من لم يشرك بالله إذا لم يهاجر إلينا أو لم يكفر ويقاتل، سبحانك هذا بهتان عظيم) . _________ (١) مجموع مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب (٣ / ١١) .
(ز) وقال أيضًا (١) (أما ما ذكره الأعداء عني، أني أكفر بالظن وبالموالاة أو أكفر الجاهل الذي لم تقم عليه الحجة، فهذا بهتان عظيم، يريدون به تنفير الناس عن دين الله ورسوله) . وقال أيضًا (٢) (ومنها ما ذكرتم: أني أكفر جميع الناس إلا من اتبعني، وأزعم أن أنكحتهم غير صحيحة، ويا عجبًا كيف يدخل هذا في عقل عاقل، هل يقول هذا مسلم، أو كافر، أو عراف، أو مجنون) . وقال أيضًا (٣) (فإن قال قائلهم: أنهم يكفرون بالعموم فنقول: سبحانك هذا بهتان عظيم) . وقال أيضًا (٤) (وأما القول: أننا نكفر بالعموم فذلك من بهتان الأعداء الذي يصدون به عن هذا الدين، ونقول: سبحانك هذا بهتان عظيم) . كما أن لأبناء الشيخ محمد ﵀ ومن سلك مسلكه من طلابه ومحبيه جهد مبرور، وعمل مشكور، في رد هذه الفرية المزعومة، والشهادة الساقطة المكلومة: فيقول الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب (٥) ﵀: (وأما ما يكذب علينا سترًا للحق، وتلبيسًا على الخلق، بأننا نكفر الناس على الإطلاق أهل زماننا ومن بعد الستمائة، إلا من هو على ما نحن فيه ومن فروع ذلك ألا نقبل بيعة أحد إلا بعد التقرر عليه بأنه كان مشركًا، وأن أبويه ماتا على الشرك بالله. . . فلا وجه لذلك فجميع هذه الخرافات وأشباهها لما استفهمنا عنها من ذكر أولًا، كان جوابنا في كل مسألة من ذلك سبحانك هذا بهتان عظيم، فمن روى عنا شيئًا أو نسبه إلينا، فقد كذب علينا وافترى، ومن شاهد حالنا وحضر مجالسنا وتحقق مما عندنا علم قطعًا أن جميع ذلك وضعه علينا وافتراه أعداء الدين وإخوان الشياطين تنفيرًا للناس عن الإذعان بإخلاص التوحيد لله تعالى بالعبادة، وترك أنواع الشرك. .) . _________ (١) المصدر السابق (٥ / ٢٥) . (٢) المصدر السابق (٥ / ٣٦) . (٣) المصدر السابق (٥ / ٤٥) . (٤) المصدر السابق (٥ / ١٠٠) . (٥) الهدية السنية (ص ٤٠) .
(ح) ويقول الشيخ عبد العزيز بن حمد (١) ﵀: (ومن زعم أننا نكفر الناس بالعموم، أو نوجب الهجرة إلينا على من قدر على إظهار دينه ببلده، فقد كذب وافترى) . ويقول الشيخ عبد اللطيف (٢) ﵀: (والشيخ محمد ﵀ من أعظم الناس توقفًا وإحجامًا عن إطلاق الكفر حتى أنه لم يجزم بتكفير الجاهل الذي يدعو غير الله من أهل القبور أو غيرهم إذا لم يتيسر له من ينصحه ويبلغه الحجة التي يكفر مرتكبها) . وقال أيضًا (٣) ﵀: (فإنه لا يكفر إلا بما أجمع المسلمون على تكفير فاعله من الشرك الأكبر والكفر بآيات الله ورسوله أو بشيء منها بعد قيام الحجة وبلوغها المعتبر، كتكفير من عبد الصالحين، ودعاهم مع الله) . وقال أيضًا (٤) ﵀: (وأما قوله (٥) " فسعى بالتكفير للأمة خاصها وعامها وقاتلها على ذلك جملة إلا من وافقه على قوله ". فهذه العبارة تدل على تهور في الكذب ووقاحة تامة. . وصريح هذه العبارة أن الشيخ كفر جميع هذه الأمة، من المبعث النبوي إلى قيام الساعة إلا من وافقه على قوله الذي اختص به، وهل يتصور هذا عاقل عرف حال الشيخ وما جاء به ودعا إليه) . ويقول محمد بشير السهسواني ﵀ في رد ما افتراه دحلان على الشيخ محمد بن عبد الوهاب (٦) (هذا كل افتراء بلا ريب على الشيخ يعرفه من له رائحة من الإيمان والعلم والعقل) . وقال أيضًا (٧) ﵀: (الجواب على هذه الأقوال كلها: أنها على طولها وكثرتها كذبة خبيثة فلا تعجبك كثرة الخبيث) . _________ (١) مجموعة الرسائل والمسائل النجدية (٤ / ٥٧٤) . (٢) منهاج التأسيس (ص ٦٥) . (٣) مجموعة الرسائل والمسائل النجدية (٣ / ٥) . (٤) مصباح الظلام، وهو الكتاب الذي بين يديك (ص ٥٠ - ٥١) . (٥) يعني قول ابن منصور، المردود عليه بهذا الكتاب. (٦) صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان (ص ٤٨٦) . (٧) المصدر السابق (ص ٥١٨) .
(ط) وقال أيضًا (١) ﵀: (إن الشيخ وأتباعه لم يكفروا أحدًا من المسلمين، لم يعتقدوا أنهم هم المسلمون، وأن من خالفهم هم المشركون) . وقال محمد رشيد رضا (٢) ﵀: (بل في هذا الكتاب خلاف على مما ذكر وضده، ففيها أنه لا يكفرون إلا من أتى بما هو كفر بإجماع المسلمين) . والنقول في هذا الموضع كثيرة جدًّا، وفي الإشارة ما يغني عن كثير من العبارة (٣) . وإذا ثبتت براءة الشيخ ﵀، وعلماء الدعوة من هذه الفرية، فاعلم أنهم قد قعدوا للتفكير قواعد وحددوا له ضوابط؛ بل أنكروا على من أوكل في تكفير المسلمين أو تكفير ولاتهم ومشايخهم، وبينوا أن التكفير لا يكون إلا بما أجمع المسلمون على تكفير فاعله، من الشرك الأكبر، والكفر بآيات الله ورسله، أو بشيء منها بعد قيام الحجة، وبلوغها المعتبر، وبينوا أن الكلام في هذا يتوقف على معرفة ما سبق، ومعرفة أصول عامة كلية، وأنه لا يجوز الكلام في هذا الباب، وفي غيره لمن جهلها وأعرض عنها، وعن تفاصيلها. قال الشيخ عبد اللطيف (٤) ﵀ في رسالة أرسلها إلى رجلين سمع منهما القول بتكفير المسلمين، وأنهما تعلقا في ذلك بما قاله شيخ الإسلام محمد ﵀: (وقد رأيت رجلين من أشباهكم المارقين بالإحسان قد اعتزلا الجمعة والجماعة وكفرا من في تلك البلاد من المسلمين، وحجتهم من جنس حجتكم، ويقولون: أهل الإحسان يجالسون ابن فيروز ويخالطونه هو وأمثاله ممن لم يكفر بالطاغوت، ولم يصرح بتكفير جده، الذي لم يقبلها وعاداها. قال: ومن لم يصرح بكفره فهو كافر بالله، لم يكفر بالطاغوت، ومن جالسه فهو مثله. ورتبوا على هاتين المقدمتين الكاذبتين الضالتين ما يترتب على الردة الصريحة من الأحكام حتى تركوا رد _________ (١) المصدر السابق (ص ٥١٨) . (٢) انظر كلامه أثناء تعليقه على ما ذكره السهسواني في كتابه: " صيانة الإنسان " (ص ٥١٨) . (٣) ومن أحسن من رأيت عرضًا وتفنيدًا لهذه الفرية وغيرها مما نسب للشيخ ودعوته كتاب: (دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب عرض ونقض) للدكتور عبد العزيز بن محمد آل عبد اللطيف. (٤) الدرر السنية (١ / ٤٦٧ - ٤٦٨) .
(ي) السلام فرفع إلي أمرهم، فأحضرتهم وتهددتهم، وأغلظت لهم القول؛ فزعموا أولًا: أنهم على عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وأن رسائله عندهم، فكشفت شبهتهم، وأدحضت ضلالتهم. . وأخبرتهم ببراءة الشيخ من هذا المعتقد والمذهب، وأنه لا يكفر إلا بما أجمع المسلمون على تكفير فاعله. . وقد أظهر الفارسيان التوبة والندم ثم لما لحقا بالساحل عادا إلى تلك المقالة، وبلغنا عنهم: تكفير أئمة المسلمين، بمكاتبة الملوك المصريين؛ بل كفروا من خالط من كاتبهم من مشايخ المسلمين، نعوذ بالله من الضلال بعد الهدى، والحور بعد الكور. وقد بلغنا عنكم نحو من هذا، وخضتم في مسائل من هذا الباب كالكلام في الموالاة والمعاداة، والمصالحة، والمكاتبات، وبذل إلا موال والهدايا، ونحو ذلك من مقالة أهل الشرك بالله والضلالات والحكم بغير ما أنزل الله عند البوادي، لا يتكلم فيها إلا العلماء من ذوي الألباب، ومن رزق الفهم عن الله، وأوتي الحكمة وفصل الخطاب) . قلت: وفي هذا الكلام من الفوائد والقواعد ما يستحق أن يفرد في شأنه بحث مستقل، كما أنه أبلغ رد على من يتعلق بشبه من كلام الشيخ محمد أو أتباعه في تكفير المسلمين، أو ولاتهم، أو تحميل كلامهم ما لا يحتمل. وما هذا الكتاب الذي بين يديك " مصباح الظلام في الرد على من كذب على الشيخ الإمام ونسبه إلى تكفير أهل الإيمان والإسلام " إلا صورة من صور جهاد القلم الذي جرده علماء الدعوة في رد ما نسب إلى الشيخ - زورًا وبهتانًا - من تكفير للمسلمين واستحلال لدمائهم وأموالهم وحرماتهم، كما أنه يوضح كثيرًا من النقاط والقواعد والفوائد المتعلقة في هذا الباب، وقد أطلعت على ما قام به الأخ الشيخ د. عبد العزيز بن عبد الله بن إبراهيم الزير آل حمد من جهد بالغ في تحقيق هذا الكتاب، وتخريج أحاديثه، وعزو نقوله، وتذييله بفهرس شامل لفوائده وشوارده، مما سيسهل على الباحث والقارئ - إن شاء الله - الاستفادة والانتفاع منه، فجزاه الله خيرًا، ونفع بنا وبه الإسلام والمسلمين، وجعلنا جميعًا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا. وكتبه صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ وزير الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد
Unknown page