Mirqāt al-Mafātīḥ sharḥ Mishkāt al-Maṣābīḥ
مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح
Publisher
دار الفكر
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢٢هـ - ٢٠٠٢م
Publisher Location
بيروت - لبنان
وَأَقُولُ: قَوْلُهُ (نَمْ): مُتَضَمِّنٌ لِلْجَوَابِ وَمُغْنٍ عَنِ الْإِطْنَابِ (كَنَوْمَةِ الْعَرُوسِ): هُوَ يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فِي أَوَّلِ اجْتِمَاعِهِمَا، وَقَدْ يُقَالُ لِلذَّكَرِ الْعَرِيسُ (الَّذِي لَا يُوقِظُهُ): الْجُمْلَةُ صِفَةُ الْعَرُوسِ، وَإِنَّمَا شُبِّهَ نَوْمُهُ بِنَوْمَةِ الْعَرُوسِ لِأَنَّهُ يَكُونُ فِي طَيِّبِ الْعَيْشِ، وَقِيلَ الْمُرَادُ فِي تَمَامِ طَيِّبِ الْعَيْشِ (إِلَّا أَحَبُّ أَهْلِهِ إِلَيْهِ) . قَالَ الْمُظْهِرُ: عِبَارَةٌ عَنْ عِزَّتِهِ وَتَعْظِيمِهِ عِنْدَ أَهْلِهِ يَأْتِيهِ غَدَاةَ لَيْلَةِ زِفَافِهِ مَنْ هُوَ أَحَبُّ وَأَعْطَفُ فَيُوقِظُهُ عَلَى الرِّفْقِ وَاللُّطْفِ (حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ): هَذَا لَيْسَ مِنْ مَقُولِ الْمَلَكَيْنِ، بَلْ مِنْ كَلَامِهِ ﵊ إِعْلَامًا لِأُمَّتِهِ بِأَنَّ هَذَا النَّعِيمَ يَدُومُ لَهُ مَا دَامَ فِي قَبْرِهِ، وَحَتَّى مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ يَنَامُ طَيِّبَ الْعَيْشِ حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ (مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ): بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْجِيمِ مَوْضِعُ الضَّجْعِ وَهُوَ النَّوْمُ، وَقِيلَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَتَعَلَّقَ حَتَّى بِنَمْ عَلَى سَبِيلِ الِالْتِفَاتِ مِنَ الْخِطَابِ إِلَى الْغَيْبَةِ إِشَارَةٌ إِلَى غَيْبَتِهِ عَنْهُمَا بِانْصِرَافِهِ عَنْهُمَا (وَإِنْ كَانَ مُنَافِقًا قَالَ) وَفِي نُسْخَةٍ فَقَالَ (سَمِعْتُ النَّاسَ)، أَيِ: الْمُسْلِمِينَ أَوِ الْكُفَّارَ فَإِنَّهُمْ أَكْثَرُ النَّاسِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ [يوسف: ١٠٣] وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ (يَقُولُونَ قَوْلًا): هُوَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ (فَقُلْتُ مِثْلَهُ) أَيْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ (وَلَا أَدْرِي)، أَيْ: أَنَّهُ نَبِيٌّ فِي الْحَقِيقَةِ أَمْ لَا، وَهُوَ اسْتِئْنَافٌ أَيْ مَا شَعَرْتُ غَيْرَ ذَلِكَ الْقَوْلِ. قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: مَحَلُّهُ النَّصْبُ عَلَى الْحَالِ أَوْ صِفَةٌ لِمِثْلِهِ، وَفِي الثَّانِي نَظَرٌ (فَيَقُولَانِ: قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ)، أَيْ: بِالْوَحْيِ أَوْ بِرُؤْيَتِنَا فِي وَجْهِكَ أَثَرَ الشَّقَاوَةِ وَظُلْمَةَ الْكُفْرِ (أَنَّكَ تَقُولُ ذَلِكَ)، أَيِ: الْقَوْلَ (فَيُقَالُ لِلْأَرْضِ)، أَيْ: لِلْقَبْرِ مِنْ قِبَلِهِمَا أَوْ مِنْ قِبَلِ مَلَكٍ آخَرَ (الْتَئِمِي): أَيِ انْضَمِّي وَاجْتَمِعِي (عَلَيْهِ) ضَاغِطَةً لَهُ يَعْنِي ضَيِّقِي عَلَيْهِ، وَهُوَ عَلَى حَقِيقَةِ الْخِطَابِ لَا أَنَّهُ تَخْيِيلٌ لِتَعْذِيبِهِ وَعَصْرِهِ (فَتَلْتَئِمُ عَلَيْهِ)، أَيْ: يَجْتَمِعُ أَجْزَاؤُهَا عَلَيْهِ بِأَنْ يُقَرَّبَ كُلُّ جَانِبٍ مِنْ قَبْرِهِ إِلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ فَيَضُمُّهُ وَيَعْصِرُهُ (فَتَخْتَلِفُ أَضْلَاعُهُ): بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ جَمْعُ ضِلَعٍ وَهُوَ عَظْمُ الْجَنْبِ، أَيْ: تَزُولُ عَنِ الْهَيْئَةِ الْمُسْتَوِيَةِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا مِنْ شِدَّةِ الْتِئَامِهَا عَلَيْهِ وَشِدَّةِ الضَّغْطَةِ وَانْعِصَارِ أَعْضَائِهِ وَتَجَاوُزِ جَنْبَيْهِ مِنْ كُلِّ جَنْبٍ إِلَى جَنْبٍ آخَرَ (فَلَا يَزَالُ فِيهَا)، أَيْ: فِي الْأَرْضِ أَوْ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ أَوْ فِي تُرْبَتِهِ («مُعَذَّبًا حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ») . وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ قَوْلِهِ ﵊ لِانْقِطَاعِ الْحِكَايَةِ مِنَ الْمَلَكَيْنِ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ): وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ.
1 / 211