132

Mirqat Mafatih

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح

Publisher

دار الفكر

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٢هـ - ٢٠٠٢م

Publisher Location

بيروت - لبنان

تُسَامِحْهُمْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ﴾ [النساء: ٣٤] عَلَى التَّرْتِيبِ الذِّكْرِيِّ (وَأَخِفْهُمْ فِي اللَّهِ) أَيْ: أَنْذِرْهُمْ فِي مُخَالَفَةِ أَوَامِرَ اللَّهِ. وَنَوَاهِيهِ بِالنَّصِيحَةِ، وَالتَّعْلِيمِ، وَبِالْحَمْلِ عَلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ مِنْ إِطْعَامِ الْفَقِيرِ وَإِحْسَانِ الْيَتِيمِ وَبِرِّ الْجِيرَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. (رَوَاهُ أَحْمَدُ): وَكَذَا الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ، وَإِسْنَادُ أَحْمَدَ صَحِيحٌ لَوْ سَلِمَ مِنَ الِانْقِطَاعِ، فَإِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ جُبَيْرِ بْنَ نُفَيْرٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ مُعَاذٍ.
٦٢ - وَعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: إِنَّمَا النِّفَاقُ كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَأَمَّا الْيَوْمَ فَإِنَّمَا هُوَ الْكُفْرُ، أَوِ الْإِيمَانُ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ــ
٦٢ - (وَعَنْ حُذَيْفَةَ): ﵁ مَوْقُوفًا. هُوَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ، وَاسْمُ الْيَمَانِ حُسَيْلٌ بِالتَّصْغِيرِ، وَالْيَمَانُ لَقَبُهُ، وَكُنْيَةُ حُذَيْفَةَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْعَبْسِيُّ - بِفَتْحِ الْعَيْنِ، وَسُكُونِ الْبَاءِ -، هُوَ صَاحِبُ سِرِّ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ رَوَى عَنْهُ عُمَرُ، وَعَلِيٌّ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ، وَغَيْرُهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِينَ، وَمَاتَ بِالْمَدَائِنِ، وَبِهَا قَبْرُهُ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً. (قَالَ: إِنَّمَا النِّفَاقُ كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ): يَعْنِي أَنَّ حُكْمَ الْمُنَافِقِينَ مِنْ إِبْقَاءِ أَرْوَاحِهِمْ، وَإِجْرَاءِ أَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِنَاءً عَلَى مَصَالِحَ مِنْهَا: أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا سَتَرُوا عَلَى الْمُنَافِقِينَ أَحْوَالَهُمْ خَفِيَ عَلَى الْمُخَالِفِينَ حَالُهُمْ، وَحَسِبُوا أَنَّهُمْ مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْلِمِينَ فَيَجْتَنِبُوا عَنْ مُخَاشَنَتِهِمْ لِكَثْرَتِهِمْ، بَلْ أَدَّى ذَلِكَ إِلَى أَنْ يَخَافُوا، وَتَقِلَّ شَوْكَتُهُمْ، وَلِذَا قَالَ ﵊: " «إِنَّ اللَّهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِأَقْوَامٍ لَا خَلَاقَ لَهُمْ» ". وَمِنْهَا: أَنَّ الْكُفَّارَ إِذَا جَمَعُوا مُخَاشَنَةَ الْمُسْلِمِينَ مَعَ مَنْ يَصْحَبُهُمْ كَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِنُفْرَتِهِمْ مِنْهُ. وَمِنْهَا أَنَّ مَنْ شَاهَدَ حُسْنَ خُلُقِهِ ﵊ مَعَ مُخَالِفِهِ رَغِبَ فِي صُحْبَتِهِ، وَوَافَقَ مَعَهُ سِرًّا، وَعَلَانِيَةً، وَدَخَلَ فِي دِينِ اللَّهِ بِوُفُورٍ، وَنَشَاطٍ. (فَأَمَّا الْيَوْمُ) أَيْ: بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ ﷺ (فَإِنَّمَا هُوَ) أَيِ: الْأَمْرُ وَالْحُكْمُ يَدُلُّ عَلَيْهِ سِيَاقُ الْكَلَامِ أَيِ: الشَّأْنُ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الشَّرْعُ (الْكُفْرُ أَوِ الْإِيمَانُ): وَالضَّمِيرُ مُبْهَمٌ يُفَسِّرُهُ مَا بَعْدَهُ أَيْ: لَيْسَ الْكَائِنُ الْيَوْمَ إِلَّا الْكُفْرَ أَوِ الْإِيمَانَ، وَلَا ثَالِثَ لَهُمَا يَعْنِي الْكُفْرَ الصَّرِيحَ، وَالْقَتْلَ، أَوِ الْإِيمَانَ سِرًّا وَعَلَانِيَةً، وَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ﴾ [الفتح: ١٦] (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ): فِي كِتَابِ الْفِتَنِ.
[بَابٌ فِي الْوَسْوَسَةِ]

1 / 134