ابتسمت برأس حان. ارتفعت موجة الحماس درجة جديدة. ها هي الفتاة المنفية الوحيدة المهجورة المسلوبة الشرف. وقلت بانفعال غريب: زهرة .. لعلك تجهلين كم أنك عزيزة عندي .. زهرة .. اقبليني زوجا لك!
التفتت نحوي بحركة سريعة، ذاهلة وغير مصدقة. انفرجت شفتاها لتتكلم، ولكنها لم تنبس بحرف.
قلت وأنا واقع تحت سيطرة انفعالي الغريب: اقبليني يا زهرة .. إني أعني ما أقول.
قالت ولما تفق من دهشتها: لا. - فلنتزوج في أقرب فرصة.
تحركت أصابعها القوية بعصبية وهي تقول: إنك تحب واحدة أخرى! - لم يكن هناك حب، إنها حكاية اختلقها خيالك، فأسمعيني جوابك يا زهرة.
تنهدت .. تنهدت وهي ترمقني في ارتياب وقالت: أنت كريم نبيل، وعطفك يدفعك في طريقه بلا تفكير، كلا، لن أقبل ذلك، وأنت لا تعنيه، كلا، لا تعد إلى ذلك. - إذن ترفضينني يا زهرة؟ - إني أشكرك، ولكن ليس هناك طلب حتى أرفضه أو أقبله. - صدقيني، أقسم لك، امنحيني وعدا .. أملا .. وسأنتظر.
قالت بإصرار ودون أن تأخذ كلامي مأخذ التصديق الحقيقي: كلا، إني أشكر عطفك وأقدره، ولكنني لا أستطيع أن أقبله. عد إلى فتاتك، إن كان هناك خطأ فلا شك أنها هي المخطئة ولكنك ستسامحها. - زهرة .. صدقيني. - كلا .. لا تعد إلى ذلك من فضلك.
قالتها بإصرار رهيب، ثم تبدى الإعياء في أعماق عينيها وكأنما ضاقت بالموقف كله، فشكرتني بإيماءة وهي تمضي خارجا بتصميم قاطع.
ارتددت إلى الفراغ. نظرت فيما حولي كأنما أبحث عن غوث. متى يقع الزلزال؟ متى تهب العاصفة؟ وماذا قلت؟ كيف قلته؟ ولم؟ أيوجد شخص آخر يتخذ مني وسيطا له كلما شاء هواه؟ وكيف يمكن أن أضع حدا لذلك كله؟ •••
كيف يمكن أن أضع حدا لذلك كله؟
Unknown page