سمعت يدا تنقر على الباب مستأذنة في الدخول. دخلت المدام باسمة ثم جلست أمامي على مقعد بلا ظهر أطرح عليه ساقي أحيانا. ثمة زوبعة كانت تعوي في المنور وأنا مدثر بالروب، والحجرة نعسانة في جوها شبه المظلم الذي لا يدل على وقت. قالت وهي تغالب ضحكة: إليك نبأ عجيبا ...
أغلقت الكتاب ووضعته على الكوميدينو وأنا أغمغم: ليكن سارا يا عزيزتي. - زهرة قررت أن تتعلم.
نظرت إليها ببلاهة ولم أفهم شيئا: حقا قررت أن تتعلم، قالت لي إنها ستغيب ساعة كل يوم لتتلقى درسا.
قلت: هذا مذهل حقا. - عندنا في العمارة بالدور الخامس أسرة فيها ابنة مدرسة اتفقت معها. - أكرر أنه قرار مذهل حقا. - من جانبي لم أعارضها وإن أشفقت على أجرتها التي ستستولي عليها المدرسة. - جميل منك هذا يا مدام، ولكني مذهول بكل معنى الكلمة.
ولما جاءتني زهرة بقهوة العصر قلت لها: تخفين عني أسرارك يا ماكرة!
قالت بحياء: لا أسرار تخفى عليك. - وقرارك عن التعليم؟ .. خبريني كيف فكرت في ذلك؟ - كل البنات تتعلم، إنهن يملأن الشوارع. - ولكنك لم تفكري في ذلك من قبل.
ضحكت بسرور فقلت: إنك قلت لنفسك إنك أجمل منهن، فلم يتعلمن ولا تتعلمين .. هه؟
جعلت تنظر إلي بابتهاج دون أن تنبس فقلت: ولكن ليس ذاك بكل شيء. - ماذا هناك أيضا؟
ترددت لحظة ثم قلت: هناك صاحبنا سرحان البحيري.
تورد وجهها وغضت البصر فقلت بإشفاق: أما التعليم ففكرة مدهشة وأما سرحان ...
Unknown page