وقال عمر رضي الله عنه: "نفقهوا قبل أن تسودوا" يقول: تعلموا في الصغر قبل أن تكونوا منظورين، فتستحيوا من التعليم عند الكبر، ويقيم جهالا لا تأخذون العلم [إلا] من الصغار فيزري ذلك بكم.
وقيل: آتي رجل إلى أبي ذر (رضي الله عنه)؛ وقال: لا أريد أن أتعلم العلم، وأخاف أن أضيعه، فقال له: تعلم العلم؛ فإنك إن توسد العلم خير لك من أن توسد الجهل.
وجاء رجل إلى أبي الدرداء، فقال له كالرجل الأول: فقال له أبو الدرداء: تعلم العلم؛ فإنك إن تمت عالما، خير لك من أن تموت جاهلا، وقال: أغد عالما، أو متعلما، أو مستمعا، ولا تكن الرابع فتهلك.
وقال عبد الله- أرجو أنه ابن عباس-: والذي لا إله غيره؛ لو أعلم أحدا أعلم بكتاب الله مني، تبلغنيه الإبل لرحلت إليه.
وأحوج الناس إلى تعليم العلم، وطلبه- العلماء: لأنهم أعلام يقتدي بهم، وقيل: لو كان الذي يعلم الدين في مشرق الأرض، والذي يتعلمه في مغرب الأرض - لكان عليه أن يخرج إليه، ويتعلم منه دينه الذي تعبده الله به، ولو حبا على بطنه.
وقيل: أوحي الله إلى داود عليه السلام؛ أن أتخذ نعلين من حديد، وعصا من حديد، وأطلب العلم؛ حتى ينكسر العصا، وينخرق النعلان.
فسر مكحول قوله عز وجل:"فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله" يعني به طلب العلم. وروي عن النبي (صلي الله عليه وسلم) أنه قال: "اطلبوا العلم؛ فإن فيه حياة القلوب من الجهل، ومصباح الأبصار من الظلم، وقوة الأبدان من الضعف، يبلغ العبد منازل الأحرار، ويبلغ الأحرار منازل الملوك ومجالسهم والدرجات العلي في الدنيا والآخرة، وقال الله تعالي: " وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم".
Page 16