ونحن نعوذ بالله من غلبة الأهواء، ومن مسامحة الآراء، وتقليد الآبا، وإياه نسأل: أن يجعلنا من المتبعين لكتابه، الذابين عن دينه، القائمين بسنة نبيه محمد (- صلى الله عليه وسلم -).
وقيل: إذا رفع الصحابي خبرا عن الرسول (- صلى الله عليه وسلم -) بإيجاب فعل، وجب العمل به على من بلغه من المكلفين؛ إلى أن يلقي خبرا غيره ينسخ ذلك الخبر، [و] كان على من عمل بالخبر الأول - الرجوع إلى الثاني، وترك العمل الأول.
وكذلك الحاكم، يعمل بما قام عليه الدليل عنده من أقوال العلماء؛ فإذا قام له الدليل بعد ذلك على قول آخر أرجح عنده من الأول - عمل بالثاني، وترك العمل بالأول الذي حكم به واستعمله.
وإذا لم يرجح عنده أحد القولين، واستويا معه من كل الوجوه - أخذ بأي الأقاويل شاء.
وقال أبو محمد (رحمه الله): كل مسألة؛ لا يخلو الصواب فيها من أحد قولين، ففسد أحدهما؛ لقيام الدليل على فساده - صح أن الحق في الآخر، وإن صح أن الحق في أحدهما فسد الآخر. قال الله عز وجل: " فماذا بعد الحق إلا الضلال ". فإذا اختلف الأمة في حكم: على قولين؛ فأخطأ أحدهم، وأصاب الآخرون، ولا يخرج الحق من أيديهم جميعا.
وإذا كان الحق في بعضهم - كانوا كالأمة وحدهم - فكان قولهم محكوما به في كل مكان؛ إذا كان الحكم مطلوبا من الأمة، وقام الدليل على خطأ بعضه - كانت الطائفة المصيبة: كإجماع الأمة، وكانت هي الأمة، وجاز أن يحتج بقولها.
Page 123